إذا كانت إسرائيل تخشى سلاح المقاومة فلماذا لا تذهب الى السلام بدل الحرب؟

في كانون الأول 2009 كتب الرئيس سليم الحص مقالة بعنوان: "اين انتم ايها العرب؟" جاء فيه: قضية فلسطين تبدو أكثر فأكثر يوميا في الهاوية فيما القادة العرب ملتزمون الصمت الرهيب واسرائيل ماضية قضما في القدس الشرقية وتهدد وجود المقدسات الاسلامية والمسيحية، واللاجئ الفلسطيني تحت وطأة التشرد والحرمان.
بعد هذه المقالة كانت الثورات العربية التي اسقطت انظمة في عدد من الدول، لكنها ثورات ما لبثت ان اخذت تثور على بعضها وتتنافس على السلطة بينما اسرائيل المستنفرة تتفرج على ما يجري، وتواصل بناء المستوطنات وترسم حدود "الدولة اليهودية" التي سوف تفرض على العرب الاعتراف بها في مقابل الاعتراف بالدولة الفلسطينية ضمن حدود ضيقة غير قابلة للحياة. هذه الدولة التي وعد بها الرئيس الاميركي باراك اوباما في ولايته الاولى وتناساها في ولايته الثانية ولم يعد يذكر في خطبه وأحاديثه وتصريحاته شيئاً عن "حل الدولتين"، لا احد يعلم اذا كان سيأتي على ذكر هذا الحل عند زيارته لاسرائيل اواخر الشهر الحالي بعدما نجحت اسرائيل في تسميم هذا الحل، فازداد التطرف الاسلامي في فلسطين والسياسة الاسرائيلية تعنتاً.
لقد حذر العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني في حديث له من انتهاء فرصة تحقيق حل الدولتين لإنهاء النزاع العربي – الاسرائيلي خلال المرحلة المقبلة. وان الامل في تحقيق هذا الحل اخذ يتلاشى، وعلى الادارة الاميركية العمل مع المجتمع الدولي للتوصل الى حل فعال. وطالب هذا المجتمع بان ينضم الى الاردن في سعيه لإطلاق المفاوضات، ولفت الى ان على نتنياهو ادراك ان المجتمع الدولي ملتزم عملية السلام خلال عمله على تشكيل الحكومة الاسرائيلية المقبلة، وان التحدي هو في تحقيق حل الدولتين، محذراً من ان هذا الحل سيبقى فقط الى حين انتهاء ولاية الرئيس الاميركي اوباما الثانية والاخيرة.
ثمة من يقول ان الرئيس الاميركي يظل في حاجة الى دعم اللوبي الصهيوني لسياسته الداخلية ولا سيما الاقتصادية، مما يجعله غير قادر على فرض حل الدولتين اذا لم يكن هذا الحل في مصلحة الامن الاسرائيلي، وثمة من يقول ان منصب الرئاسة في اميركا هو اقوى وأفعل من اي لوبي او مجموعة ضغط، بدليل انه عندما وقع خلاف اثناء محادثات كامب ديفيد، في العام 1978 مع اسرائيل وتحول الامر خياراً بين الرئيس الاميركي ورئيس الوزراء الاسرائيلي، فان الاميركيين يقفون الى جانب رئيسهم بوضوح. وقد انتهى ذاك الخلاف الى رضوخ اسرائيل للسياسة الاميركية وتم توقع اتفاق كمب ديفيد، وهذا ما يتكرر عند كل خلاف بين اميركا واسرائيل، اذا كانت الادارة الاميركية جادة في تنفيذ مخططها، وهذا ما ستفعله حكومة نتنياهو حيال حل الدولتين، وليس على العرب سوى العمل الدؤوب على اقناع الرئيس اوباما بالتزامهم الأكيد السلام الدائم قولاً وفعلاً.
والسؤال الآخر المطروح: ماذا يريد العرب؟ هل يتفقون على استراتيجية لمواجهة اسرائيل اذا تأكد لهم انها لا تريد السلام بل مفاوضات لتفرض بها الامر الواقع؟ لقد بات عليهم ان يقرروا ما اذا كانوا يريدون استرجاع حقوقهم المشروعة بالوسائل السلمية أم بالوسائل العسكرية، فلا يظلون بين بين، في حين تغتنم اسرائيل فرصة انشغال العرب بهمومهم الداخلية وبثوراتهم التي لم تهدأ بعد وتستقر، لفرض سلام الاستسلام عليهم.
لقد بات من الضروري العمل على اختراق الجمود السياسي في الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني، وذلك بالعودة الى الحلول المرحلية ولا سيما منها حل الدولتين كونه مفتاح كل الحلول. وان التقارير والدراسات التي يعدها خبراء ومتخصصون تتناول آفاق الحركة والتوجهات في كل ما يحيط باسرائيل من ثورات عربية وغموض يحوط مستقبل دولة عربية وما ينبغي ان تكون عليه سياسة الولايات المتحدة الاميركية في الشرق الاوسط، واي شرق اوسط جديد سوف يولد في ضوء ميزان القوى في المنطقة.
الواقع ان اسرائيل اذا كانت خائفة من نوع اسلحة خصومها في المنطقة ومن الدمار الذي تحدثه داخل اراضيها، فما عليها ان تذهب نحو السلام الشامل والعادل، واذا كان خصوم اسرائيل في المنطقة لا يخافون وسلاحهم المدمر يمكن ان يقضي على اسرائيل فلماذا ينتظرون المفاوضات العبثية كما يصفونها، ولا يهددونها باستخدام هذا السلاح سواء كان في ايدي الجيوش النظامية أو المقاومة، إذا لم تعد الى طاولة الحوار وتوافق على حل الدولتين، وعندها لا يعد سلاح المقاومة سلاح كلام بل سلاح ثورات وانتفاضات…  

السابق
الإسرائيليون عند حدود الضفة الشرقية للوزاني
التالي
خطر حزب الله في قِمَم الجبال وعلى رؤوس اللبنانيين