إسرائيل وجهاً لوجه مع القاعدة

يشكل خطف 21 مراقباً من قوات الأمم المتحدة لفك الاشتباك "أندوف" على أيدي مجموعة مسلحة تطلق على نفسها "كتيبة شهداء اليرموك" مؤشراً واضحاً للفوضى المرشحة للازدياد والتفاقم مع استمرار القتال في سوريا من دون ايجاد مخرج سياسي للأزمة، وللمأزق الذي قد تواجهه إسرائيل إذا قررت قوات فك الاشتباك الموجودة في هضبة الجولان منذ اتفاق وقف اطلاق النار بين سوريا وإسرائيل عام 1974 الانسحاب من الهضبة تاركة إسرائيل وجهاً لوجه مع تنظيم "القاعدة".

وهكذا، مثلما تحولت الأزمة السورية أزمة مشتركة لكل من لبنان والأردن والعراق وتركيا، فإنها باتت تشكل مشكلة أيضاً لإسرائيل التي لا يبدو حتى الآن أنها توصلت الى بلورة استراتيجية واضحة لطريقة تعاملها مع الوضع المتدهور في سوريا، ولا كيف ستواجه خطر سيطرة المجموعات المسلحة القريبة من "القاعدة" على المناطق المحاذية لحدودها.

ليس خافياً ان إسرائيل الرسمية كانت تأمل في صمود نظام الأسد في الصراع الداخلي الدائر في سوريا، وخروجه منه ضعيفاً وتالياً أقل قدرة على تهديدها. لكن تزايد المؤشرات لخسارة النظام السيطرة على مناطق كبيرة من الأراضي السورية، وخصوصاً تلك المتاخمة للحدود، الى التقارير التي تحدثت عن تسلل مجموعات مؤيدة لـ"القاعدة" الى المناطق الحدودية مع إسرائيل، أدى الى تبدد الآمال المعقودة على صمود الأسد، وزاد مخاوف إسرائيل من نشوء وضع على الحدود في الجولان مشابه لما كان الوضع في جنوب لبنان مع الوجود العسكري لـ"حزب الله". وكان الجيش الإسرائيلي قد رصد منذ أشهر تسلل مجموعات جهادية تابعة لـ"القاعدة" الى منطقة حوران القريبة من مواقعه العسكرية. ويبدو أن هؤلاء الجهاديين جاؤوا من السعودية واليمن عبر الأردن. كما تجدر الاشارة الى ان المنطقة التي حصل فيها الخطف من الصعب مراقبتها عن كثب من الجانب الإسرائيلي نظراً الى وجودها في واد عميق الأمر الذي قد يجعلها مستقبلاً منطقة لتسلل الخلايا الجهادية من هناك لمهاجمة إسرائيل.

أهمية حادث الخطف لا تقاس بانعكاساته السلبية على صورة الثورة السورية، ولا بتوظيف النظام السوري اياه لمصلحته كي يثبت للعالم أن لا خيار له سوى نظام الأسد أو الفوضى؛ وإنما لكونه يحمل دلالة واضحة على صوملة سوريا، التي حذر منها أكثر من مسؤول عربي وأجنبي، والوتيرة السريعة والهائلة لانهيار الدولة المركزية في هذا البلد، والانعكاسات الخطيرة المترتبة على ذلك على نسيج المجتمع السوري، وعلى وحدة الأراضي السورية، وعلى سلامة حدود الدولة، وعلى كل الدول المجاورة.

السابق
النهار: جنبلاط سيتولى مفاتحة بري بشأن مشروعه مع تيار المستقبل
التالي
حزب الله يحفر الخنادق في الهرمل