كف الستين على خد 8 آذار

كل ما يجري يزيد الصورة غموضاًَ. بمجرد أن أطل قانون «الستين» من بين الأنقاض، معلناً أنه لا يزال على قيد الحياة، حتى خلطت الأوراق الانتخابية مجدداً. ومن شُبه له أن «الستين» ظهر من نافذة توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، جاءه الرد من بوابة اجتماع نواب الأكثرية في المجلس النيابي. لم يكتف هؤلاء بالتأكيد أن «الستين» مات منذ زمن، بل وصلوا إلى حد اعتباره «كأنه لم يكن».
لم يحتر نواب الأكثرية في توصيف خطوة رئيسي الجمهورية والحكومة في دعوة الهيئات الناخبة، اعتبروا تاريخ توقيعها «يوما أسود في تاريخ السلطة التنفيذية، تجسد بتجاوز الإرادة الوطنية عموما والمسيحية خصوصا». قالوا تننه «طبق لمرة واحدة وانتهى». وأكدوا «أن الالتفاف على ما قررته اللجان المشتركة في ما يتعلق بالاقتراح الأرثوذكسي يشكل سابقة خطيرة تهدد المسار الديموقراطي البرلماني في لبنان».
وكي يكون الرد على قدر «اليوم الأسود»، لم يحمل البيان، الذي تلاه النائب ابراهيم كنعان، أمس، من مجلس النواب، محاطاً بنواب الكتل المعترضة على «الستين» («التنمية والتحرير»، «الوفاء للمقاومة»، «التغيير والإصلاح»، «الطاشناق» و«المردة»)، أي لبس في رسائله.
الرسالة الأولى أن لا شيء اسمه قانون «الستين». الثانية «استكمال المسار التشريعي لاقتراح «اللقاء الأرثوذكسي» عبر الهيئة العامة». هذه الرسالة شكلت رداً مزدوجاً، على توقيع المرسوم أولاً، وعلى جزم ميقاتي بان صيغة «اللقاء الأرثوذكسي» لن تمر. إذ اعتبر المجتمعون أن هذا التصريح يشكل «تطاولاً على دور السلطة التشريعية ومصادرة لصلاحياتها واستباقا للنتائج التي سيخرج بها المسار التشريعي وتجاوزاً لمبدأ فصل السلطات».
لم تشأ الأكثرية أن يأتي ردها محتملاً للتأويل، لا سياسياً ولا قانونياَ. قالت بشكل واضح «إما التوافق أو «الأرثوذكسي». اللافت للانتباه أنه بالرغم من أن الرئيس نبيه بري بدا أول عرابي الرد الأكثري، إلا انه لم يشأ أن يحرق المراحل، ويكون رده على الخطوة السليمانية ـ الميقاتية مباشراً إلى حد دعوة الهيئة العامة للانعقاد، إلا ان كل من التقاه بدا واثقاً بأن دعوة الهيئات الناخبة أزالت الكثير من العقبات التي كانت تعترض دعوة الهيئة العامة التي لم تعد بعيدة، وإن كان بري، يصر على انه يمتلك وحده قرار تحديد موعدها، مبديا أمله بإمكان الوصول إلى قانون توافقي.
التحرك لمواجهة «الستين» لن يقتصر على الأكثرية، ففي الجبهة المسيحية الداعمة لـ«الأرثوذكسي» بدأت تعد العدة للتحرك أيضاً. «التيار الوطني الحر» ينقل، من جهته، لكل من يسأله، تأكيدات من «القوات و«الكتائب» أنهما لن يتراجعا وسيلبيان الدعوة إلى الهيئة العامة لإقرار «الأرثوذكسي».
ومع افتراض أن رئيسي الجمهورية والحكومة يمارسان دورهما، كي لا يتحملا مسؤولية تعطيل الانتخابات، فإن ذلك كان ليفهم، بحسب نواب شاركوا في اجتماع مجلس النواب أنهما لو نسقا مع المكونات الأخرى للحكومة أو انتظرا انتهاء المهلة القانونية للدعوة (20 آذار) كان يمكن تفهمهما. أما وأنهما لم يفعلا، فلا يمكن قراءة هذه الخطوة، بحسب مصدر أكثري، إلا بوصفها استفزازاً للأكثرية من خلال السعي إلى وضع «الستين» في مواجهة «الأرثوذكسي». حتى هذه الخطوة كان يمكن أن تفهم بإيجابية لو أنه يراد منها الدفع باتجاه التوافق. إلا ان الواقع، بحسب المصدر، أن الدعوة هذه تسحب من كل من يؤيد «الستين» أي حافز للتوافق، على اعتبار أن الوقت هو في مصلحة مشروعه الأول.
لا جدال بالنسبة لنواب الأكثرية الذين اجتمعوا أمس، في الترابط بين دعوة الهيئات الناخبة وتصريح سفيرة الولايات المتحدة الأميركية مورا كونيلي، الداعي إلى إجراء الانتخابات في موعدها وفق أي قانون.
منبر عين التينة، كان بالأمس منصة رسائل. فبعد أن أكد نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، الذي التقى بري، أن «رئيس الجمهورية يخالف الدستور بتوقيعه على الدعوة غير آبه للارادة الشعبية ولارادة اكثرية الكتل النيابية، أبدى اعتقاده أن توقيع ميقاتي «يقع ضمن وظيفته التي كلف بها من الجهات الخارجية ظنا منه ان باستطاعته ان يعيد انتاج موازين قوى معينة»، وتوقع أن تأخذ اللعبة البرلمانية مجراها.
قبل الفرزلي كان بري يستقبل وفدا من نواب الاكثرية ضم: ابراهيم كنعان، علي عمار وعلي بزي، اطلعه على اجواء الاجتماع الذي عقد في مجلس النواب. وأعاد كنعان التأكيد بعد اللقاء أن «قانون الستين دفن ولن يستطيع احد إحياءه وهناك ارادة وطنية جامعة باعتباره طبق لمرة واحدة وانتهينا». كما التقى بري النائب اغوب بقرادونيان الذي أكد ان لا عودة الى «قانون الدوحة».

السابق
حزب الله والتدخّل العلني في سوريا
التالي
قوات اليونيفيل تبرر الخرق الاسرائيلي لنهر الوزاني