الخليج والتجربة المصرية

عندما أراد جمال عبدالناصر أن يتفرد بحكم مصر قام بالتخلص من رفقائه في الثورة، وكان في مقدمهم جماعة الاخوان المسلمين، فرمى الكثير من قياداتها وأفرادها في السجون والمعتقلات، وأعدم أشهر رموزها وفي مقدمهم سيد قطب رحمه الله، ثم كان عاقبة الله له بنكسة 67 والتي أخزاه الله بها، ثم رحل ليقف بين الله حيث المحاكمة العادلة.
واستمر التعدي على الإسلاميين في عهد أنور السادات وان كان أقل من عهد عبدالناصر، ثم استكملت أبشع صور انتهاكات حقوق الإنسان في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، حتى جاء الربيع العربي ليطيح به وبمجموعة أخرى من الزعماء الذين كانوا يسيرون على نفس منهجه.
من تابع بداية الثورات العربية يدرك بأنها كانت تطالب بإجراء إصلاحات في إدارة شؤون البلاد كأن تكون هناك حريات في التعبير وأن تتوافر عدالة في توزيع ثروة البلاد، وأن تتاح للشعب الحرية في اختار ممثليه في المجالس النيابية ضمن انتخابات نزيهة، إلا أن استهانة تلك الزعامات بهذه المطالبات، واستخدامها الأسلوب الأمني والقمعي في محاربتها كان السبب في رفع سقف المطالبات ليصل إلى إسقاط النظام، وهو ما تم بالفعل.
عندما نتجه نحو دولنا، فإننا نرى شيئا من العدوى قد انتقلت في تعامل بعضها مع المطالبات الشعبية في الإصلاح، فكان اللجوء إلى الطرد من الوظائف، والسجن والاعتقال، وسحب الجنسية، وتلفيق التهم، ثم إنشاء محاكم وهمية يمنع من حضورها أهالي المعتقلين والمنظمات الدولية.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هل ستنفع هذه الأساليب في قمع الحريات ووقف المطالبات؟ وإن استطاعت فإلى متى؟
إن الواقع يشير إلى أن العالم يتجه نحو منح الشعوب المزيد من الحريات، وأن الدول التي تتجه نحو مزيد من الاستقرار والتقدم هي تلك التي يشارك فيها الشعب في التشريع والتنفيذ ويكون في هذه الحالة مشارك كما يقال في الغرم والغنم، فإن تحققت إنجازات فالشعب مشارك بها، وإن كان هناك من إخفاقات فهي نتيجة اختيارات الشعب لممثليه والذين سيكونون في الأصل مشاركون في حكومات منتخبة، وهنا ترجع الكرة إلى ملعب الشعب والذي ينبغي عليه في المرات المقبلة أن يُحسن اختياره.
نحن نتمنى لدولنا كل الخير والمحبة، وندرك أن أمنها واستقرارها من أمننا واستقرارنا، خصوصا مع وجود المطامع الإيرانية والتي أشرت لها في مقالات سابقة، لكن هذا الأمن لا يمكن أن يتحقق ما لم تكن هناك جبهة داخلية قوية، وهذه الجبهة لا يمكن أن تتحقق ما لم تكن هناك حرية وعدالة واحترام لحقوق الإنسان.
لسنا من المطالبين بتغيير أنظمة الحكم في الخليج كما تطالب الثورة البحرينية والتي يدين كثير من أتباعها بالولاء لإيران، فأسر الحكم في الخليج ارتضى الناس حكمها منذ مئات السنين، وحق لهذه الشعوب التي تدين بالولاء لحكوماتها أن يتم رد الجميل لها بالمزيد من المشاركة الشعبية الحقيقية، وبتحقيق الحد الأدنى على الأقل من الإصلاحات المنشودة.
اللهم أدِم الأمن والاستقرار في بلادنا وخليجنا وسائر بلاد المسلمين.

السابق
وكبـر رفـاق “البعـث”
التالي
بورسعيد تخرج عن السيطرة والقاهرة تحولت لساحة معركة