مخرج لائق للأسير

تدرك «هيئة علماء المسلمين» التي تضم مشايخ من كل المناطق اللبنانية أن التحركات التصعيدية التي يقوم بها إمام مسجد «بلال بن رباح» في صيدا الشيخ أحمد الأسير قد وصلت الى الطريق المسدود، وأن أي «دعسة ناقصة» قد يقدم عليها من شأنها ان تؤدي الى ما لا تحمد عقباه سواء على صعيد المواجهة مع الجيش اللبناني المتحصن بقرارات المجلس الأعلى للدفاع بمنع أي إخلال بالأمن، أو مع أبناء مدينته الذين ضاقوا ذرعا بتحركاته، أو مع الأطراف الاسلامية الأخرى بما يؤدي الى الفتنة العمياء.
كما تدرك «الهيئة» التي يتابع مشايخها تفاصيل ما يحصل في صيدا، أن «النزعة الأسيرية المتعلقة بحب الظهور كزعيم سني على مستوى لبنان، لا يمكن أن تتلقف أو تستوعب أي شعور بالخيبة أو بالهزيمة»، وأن أي شعور من هذا النوع «قد يدفع الشيخ الأسير الى التهور بما يمكن أن يورط كل الساحة الاسلامية في لبنان في أمور لا يريدها أحد».
لذلك فان «الهيئة» ركزت في اجتماعها الأخير الذي عقدته في طرابلس، أمس الأول، على كيفية إيجاد المخرج اللائق للأسير من المأزق الذي يتخبط به درءا لمخاطر يمكن أن تتسبب بها مزيد من الخطوات الارتجالية، وذلك كما حصل في مرات سابقة.
ويقول أحد المشايخ إن «الأسير يذهب في كرة مرة بعيدا في خطواته التصعيدية التي تبقى من دون أفق ومن دون إستراتيجية واضحة، ما يتطلب تدخلا من قبل العلماء من أجل التخفيف من حدة الاحتقان وإعادة الأمور الى نصابها من العقلانية».
لذلك فقد قررت «هيئة العلماء المسلمين» التي زارت رئيس «جمعية الاصلاح الاسلامية» الشيخ محمد رشيد ميقاتي، وشارك في اجتماعها أمين الفتوى الشيخ محمد إمام ورئيس دائرة الأوقاف الشيخ حسام سباط، والشيخ داعي الاسلام الشهال، أن تقوم بزيارة الشيخ أحمد الأسير في مسجده في عبرا للتباحث معه والخروج بموقف موحد يحفظ ماء وجهه على قاعدة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم».
وتشير مصادر «الهيئة» الى أنها ستبلغ الأسير بكل صراحة ووضوح وقوفها الى جانب مطالبه التي تعتبرها محقة، لكن في الوقت نفسه ستشدد على أنه لا يصح التفرد لا برأي ولا بقرار ولا بالأرض في أي أمر يخص الساحة السنية ككل في لبنان، وأن أي تفرد من هذا النوع من شأنه أن يجر الطائفة الى فتنة لا تريدها ما سيؤدي الى استفراد بعض أطرافها وبالتالي فان «الهزيمة المعنوية» التي يتحدث عنها الأسير ستصبح واقعا نتيجة عدم الاعداد والتشاور والتفاهم والتضامن.
وتقر مصادر «الهيئة» بأن الطائفة السنية «تعاني من التهميش»، وأن حقوقها «مغيبة»، وأنها «تعاني من هيمنة السلاح»، و«من الظلم الواقع في سوريا»، وذلك في ظل غياب لمرجعياتها السياسية التي تهدد وتتوعد وتنظر من بعيد، فضلا عن الانقسام الحاصل بين أطرافها، وبالتالي فان قضية بهذا الحجم لن يستطيع أي كان أن يواجهها أو أن يجد لها الحلول بمفرده، وأن أي خطوة في غير محلها ستكون بمثابة انتحار وإمعان في ضرب هيبة الطائفة وإضعافها.
لذلك (وبحسب المصادر) فان على الشيخ الأسير أن يعلم أن السير بهذا الطريق بمفرده لن يؤدي الى أي نتيجة إيجابية بل على العكس فان نتائجه ستكون سلبية، لذلك يجب الركون الى مبدأ الشورى الذي أوصى به الاسلام، والى التكاتف والاعداد من أجل مواجهة الفتنة المذهبية التي تطل برأسها من باب هيمنة سلاح «حزب الله»، والفتنة الطائفية التي يمكن أن يتسبب بها قانون انتخابي على غرار مشروع «اللقاء الأرثوذكسي».
وتشير المصادر نفسها الى أن إشكاليات من هذا النوع عجز الرئيس سعد الحريري وتياره عن حلها، وتعجز السعودية وقطر وتركيا عن إيجاد المخارج لها، لن يستطيع إمام «مسجد بلال بن رباح» في عبرا أن يحلها بتظاهرة هنا أو بتحرك هناك أو بانتشار مسلح هنالك.
ويقول أحد مشايخ «الهيئة» لـ«السفير» ان المطلوب تكاتف كل طوائف لبنان للوقوف في وجه الفتنة التي ستطيح بالجميع ولن توفر أحدا، لافتا الانتباه الى أن كل الطوائف تسير في مشروع الفتنة بحجة الحصول على حقوقها ومكتسباتها، ناصحا الجميع بالتروي والعمل وفق خطط طويلة المدى وبروية من تحريض أو شحن، لأنه بالنفس الطويل يستطيع كل طرف أن يصل الى حقوقه التي يكفلها له الدستور اللبناني.

السابق
العلمانيون يُفسِدون حياة الدينيين
التالي
حزب الله يستعّد لإستحقاقين كبيرين