ماذا بعد توقيع المرسوم؟

في الحرب، كان الشعار الأكثر رواجاً الأمن قبل الرغيف، اليوم يبدو أن هناك شعاراً بدأ يشق طريقه إلى الرأي العام وهو الأمن قبل الإنتخابات، لكن هذا الشعار ليس محط إجماع لا لدى السياسيين ولا لدى الرأي العام.
فمن وجهات النظر المبنية على معطيات ما هو مُجمَّع لدى رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي بدأ يخشى على الوضع الأمني ويعتبره عائقاً أمام التقدم في الملفات السياسية، لذا فهو يقول:
لا يكلّمني أحد بقانون إنتخاب، فالأولوية عندي باتت للوضع الأمني، لأنّ المهم بقاء البلد حتى يتمّ إجراء الإنتخابات.
هذا الكلام هو دقٌّ لناقوس الخطر من مرجعٍ يعرف تماماً حقيقة الأوضاع ولا يناور، والسبب في عدم مناورته هو أنه مرتاح إلى وضعه سواء على مستوى رئاسة المجلس أو على مستوى كتلته النيابية أو على مستوى حصته الوزارية، لذا فهو في موقع يسمح له بأن يقول كلاماً من دون مواربة، لذا فإنه يُحذِّر من أن ما يحصل هو استنزاف لصورة الدولة وهيبتها، فالجميع يفكّر في الإنتخابات، ويحتسبها إنتخابيّاً، الأمر الذي يُهدّد هذا الإستحقاق الإنتخابي.
هذا الكلام، على أهميته، لا يُلغي أن هناك إستحقاقاً ليس من السهولة فتح باب إرجائه، بدليل أن رئيس الحكومة الذي يتمنى التأجيل لأن هذا التأجيل يلائمه جداً لأنه يعفيه من التزاماته الطرابلسية، لن يتمكَّن من إرجاء توقيعه على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لأن الدستور يفرض على الحكومة الإلتزام بمهل معينة.

وجهة النظر المقابلة التي تقول بأن الإنتخابات يجب أن تجري ولا شيء يحول دون إجرائها، تُعزِّز حجتها بحصول الإنتخابات البلدية في أكثر من بلدة ضمن أقضية حسّاسة، هو دليل إضافي على أنّ الأوضاع الأمنية ليست عقبة أمام إجراء الإنتخابات النيابية.

يبقى السؤال الكبير والهاجس الأكبر وهو موقف المجتمع الدولي من الإستحقاق الإنتخابي:
إجراءً أو تأجيلاً، فماذا سيكون عليه موقفه؟
التكتيك الذي سيتبعه هذا المجتمع هو انتظار طلب لبناني بالتأجيل، وعندها سيكون في وضع مَن سيضع الشروط لتحقيق هذا التأجيل والذي يتمثَّل بحكومة جديدة، وعندها يكون رئيس الحكومة الذي سعى للتمديد ليُمدِّد لنفسه قد وقع في فخ مناوراته فيطير مع بدء المهلة الجديدة للمجلس المُمدَّد له ولو تقنياً.
هكذا فإن سباق المهل من اليوم وحتى العشرين من حزيران المقبل، قد بدأ، وعمر المجلس الحالي مازال متبقياً منه نحو مئة يوم، فكيف سينتهي هذا السباق الحاد؟

السابق
السفير: سليمان وميقاتي يؤجّلان الانتخابات
التالي
الأسد المتوتر!