مقاومة الامعاء الخاوية تعطي ثمارها

اسباب كثيرة كانت تقف وراء تفجر الثورة المصرية التي اطاحت بنظام الرئيس محمد حسني مبارك، لكن ابرزها في نظرنا استشهاد الشاب خالد سعيد تحت التعذيب في احد اقسام الشرطة في مدينة الاسكندرية.
عرفات جرادات الذي استشهد تحت التعذيب في معتقل اسرائيلي هو النموذج الفلسطيني، او بالاحرى النسخة الفلسطينية لخالد سعيد، مع اختلاف هوية السجانين، وان كانت هناك اوجه تشابه كثيرة.
يظل السجان هو نفسه، والاساليب القمعية التعذيبية نفسها ايضا، وحتى اساليب الكذب والخداع والتضليل لاخفاء الجريمة والمجرم هي نفسها ايضا.
الجلاد المصري قال ان خالد سعيد مات لابتلاعه لفافة بانغو (مادة مخدرة) ثم عدل روايته بالقول انه ارتطم بالحائط، ولكن كل هذه الذرائع والاكاذيب سقطت عندما كانت آثار التعذيب على الجثمان واضحة للعيان على شكل رضوض وكدمات واضلع مكسورة.
الجلاد الاسرائيلي ادعى ان الشهيد جرادات لم يمت تحت التعذيب، وانما بالسكتة القلبية، ولكن السيد عيسى قراقع وزير شؤون الاسرى في السلطة الفلسطينية في رام الله كان في قمة الشجاعة عندما فضح هذه الاكاذيب الاسرائيلية واكد ان جثمان الشهيد يحتوي على آثار كدمات وتعذيب بل واضلع مكسورة ايضا.
المتحدث باسم الحكومة الاسرائيلية حاول تعديل او بالاحرى ترقيع المزاعم الاولى، بالقول ان الكدمات والكسر في الاضلع جاء بسبب محاولات الاطباء انقاذه من الازمة القلبية بالضغط على قفصه الصدري لتسهيل عملية التنفس.
هناك مثل شعبي عربي يقول ان حبل الكذب قصير، ويتجسد هذا المثل في اعتراف متحدث اسر ائيلي آخر يوم امس بان اسباب استشهاد المعتقل جرادات ما زالت غير معروفة.
بان كي مون الامين العام للامم المتحدة طالب بتحقيق دولي لمعرفة اسباب الاستشهاد، ولكن صرخته هذه لم تجد اي صدى حتى الآن، والسبب ان الولايات المتحدة والدول الاوروبية لا تريد احراج الحليف الاسرائيلي ووضعه في مكانة واحدة مع دول قمعية ديكتاتورية تمارس التعذيب في سجونها، وهي مكانة يستحقها عن جدارة.
بالامس اعلنت متحدثة باسم مصلحة السجون الاسرائيلية ان المعتقل الفلسطيني سامر العيساوي المضرب عن الطعام جرى نقله من مستشفى السجن الى مستشفى مدني بعد تدهور صحته، وتوقفه عن شرب الماء.
العيساوي الذي افرج عنه في صفقة الجندي شاليط لتبادل الاسرى مضرب عن الطعام منذ 200 يوم انخفض وزنه الى اقل من 45 كيلوغراما ورفض الطعام والماء والعلاج وقرر الاستشهاد احتجاجا على الظلم الاسرائيلي.
السلطات الاسرائيلية اعادت اعتقال 12 معتقلا افرجت عنهم في صفقة التبادل تلك، في انتهاك فاضح لاتفاقات وقعتها وتعهدت بتنفيذها مما يكشف عن انعدام المعايير الاخلاقية ناهيك عن المعايير القانونية المفترض ان تلتزم بها الدولة التي تدعي الديمقراطية واحترام القوانين والمعاهدات الدولية.
الاسرى الفلسطينيون (4700 اسير) الذين يقاومون الاحتلال بامعائهم الخاوية في مواجهة الاضطهاد الاسرائيلي سيستمرون في اضرابهم حتى الشهادة، فهم مشاريع شهداء في الاساس، ولم ينخرطوا في العمل المقاوم الا من اجل هذا الغرض.
اسرائيل دولة مارقة خارجة على القانون، وصمت المجتمع الدولي على جرائمها الارهابية المستمرة هو الذي يشجعها على المضي قدما في ارتكاب جرائم الحرب في الاراضي المحتلة.
نطالب الامين العام للامم المتحدة ليس بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لكشف اسباب استشهاد جرادات وانما ايضا بانتهاكات اسرائيل لحقوق الاسرى الفلسطينيين وما يسمى بالاعتقال الاداري، وكل ممارسات التعذيب النفسي والجسدي التي يمارسها سجانوها في معسكرات الاعتقال.

السابق
المشكلة اولا وأخيرا المشروع الايراني
التالي
“مخ لبناني” في العالم الافتراضي