جمهورية العصابات المتحدة!

لان طبخة البحص الانتخابية التي يتولاها الافرقاء السياسيون مداورة وبالتعاقب لن تفضي الى وليمة ديموقراطية وشيكة في مواعيدها كما تشي بذلك كل المقدمات و" المتأخرات"، ترانا مدعوين اكثر فاكثر الى معاينة معالم تفكيك ما تبقى من عرى هيبة الدولة الجارية على قدم وساق بموازاة ضرب الاستحقاق الانتخابي.
حتى في زمن الميليشيات وعز سطوتها على لبنان المقسم، لم تبلغ ظواهر الفلتان هذا الحد الشنيع من وقاحة الاستقواء على السلطة العاجزة. كان الحكم الذاتي الميليشيوي يتولى على الاقل دورا "مرجعيا" في اثبات سطوته.
في "الغابة" اللبنانية الآن، ترانا امام صعود العصابات والزمر واستشراء انتشارها بما يفوق بخطورته واقع المربعات المذهبية.
قبل ان يستعاد موقوف جريح في طرابلس كانت محطات التلفزة تبث اسماء "محرريه" ولا من يقوى على توقيفهم. وها هي اسابيع تمر على حادث عرسال وبالكاد هناك مذكرة توقيف واحدة في حق اكثر من 120 مطلوبا. وبالامس القريب لم يأبه الشيخ الاسير لاستدعاء قضائي "لسؤاله" عن انتشار مسلح قاده فحضر "مرفوع الرأس" الى وسط بيروت في استعراض كلف استنفارا عسكريا واسعا واختناق العاصمة لساعات.
اكثر من ذلك واسوأ، يقال ان لوائح اسمية مفصلة موجودة لدى مراجع سياسية وامنية بعشرات العصابات التي تتولى خطف الآباء والابناء لعائلات مقتدرة، وان هذه الظاهرة الطالعة باتت لها كل "الآليات" الاقرب ما تكون الى آليات عمليات الاغتيال. عقل يخطط ويراقب ويرصد الطرائد وخلايا تنفذ بانتظام دقيق قلما يخطئ في قنص الفدية.
ولان الشيء بالشيء يذكر، يروى ان قلة "الموارد" في المربعات المحصنة على خلفية الصراع المذهبي تدفع بالزمر المسلحة الى ابتكار ابواب الرزق الحرام وصنوف الاجرام.
هذا الشيء المخيف المتعملق الذي يزحف بسرعة ويأكل ما يسمى امناً واستقراراً ويقضم اسس الدولة من جذورها لا يشبه الا زمن المقدمات للحرب الاهلية بنسخة اكثر بشاعة وبأثر اشد هلهلة وشرشحة لما تبقى من هيكل الدولة.
هي "عصابات لبنان" الاشبه بـ"عصابات نيويورك" في ذلك الفيلم الهوليوودي الاخاذ لنجم حصد بالامس التمثال الثالث في جوائز "الاوسكار" دانيال داي لويس. ومع الاعتذار الشديد الذي تمليه اللياقة من المقارنة بابداع سينمائي، ترانا امام سطوة ابشع للعصابات الطالعة عندنا المهددة لبنان بأسره بمصير اسود وبعنف مافيوي يحتمي بغلالة الصراعات الكبيرة، مذهبية كانت ام سياسية داخلية ام مربوطة بالمحاور الاقليمية. ولن نسأل بعد ذلك عن "نجوم" الشرعية والسياسة الغارقين في لغو انتخابي صار عنوان الدولة الفاشلة والسياسة المفلسة والامن الضائع وجمهورية العصابات المتحدة.

السابق
الاعلانات على سيقان الفتيات
التالي
فلسطين تطلب تحقيقا دوليا في اغتيال جرادات