باتت ولاية المجلس قَيد التمديد

بات في حكم المؤكّد أن الانتخابات النيابية المقررة في حزيران المقبل ستؤجّل، وأن تمديد ولاية مجلس النواب حاصل، ويدور النقاش في الدوائر الضيّقة حول ما إذا كان هذا التمديد سيكون لأجَل طويل أو يكون تقنياً لأجَل قصير، ريثما يتفق على قانون الانتخاب العتيد، اللهمّ إلّا إذا هبط الوحي على الجميع واتفقوا في هذه العجالة على مشروع رئيس مجلس النواب نبيه بري، او ما يشبهه.

يقول مسؤول معنيّ بالاستحقاق الانتخابي إن الفرصة ما تزال مُتاحة حتى منتصف آذار المقبل للاتفاق على قانون انتخابي توافقي، وإذا تعذّر ذلك فسيكون هذا الاستحقاق أمام خيارين:

ـ الخيار الأول: تمديد ولاية المجلس النيابي، وهو أمر يعود للمجلس كونه سيّد نفسه، وذلك عبر تعديل مادة وحيدة في قانون الانتخاب الحالي بأكثرية نيابية عادية، أو تأجيل موعد الانتخابات تقنياً ولفترة قصيرة ريثما يتّفق على قانون انتخابي يرضي الجميع.

ـ الخيار الثاني: ألّا يحصل التمديد لعلّة ما، وألّا تُجرى الانتخابات في موعدها فيحصل فراغ في السلطة التشريعية تملأه الحكومة من دون ان تكون لها صلاحيات اشتراعية، الّا في حال مَنحَها مجلس النواب مثل هذه الصلاحيات قبل انتهاء ولايته.

وثمّة مَن يقول إنّ الكتلة الوسطية ترغب بشدة في حصول التمديد لأنها تتهيّب إجراء الانتخابات في هذه المرحلة، وتخشى من ان يؤدي إجراؤها الى مشكلات خطيرة في البلاد، وذلك في انتظار التوافق على قانون انتخاب وكذلك في انتظار جلاء الوضع الاقليمي.

والبعض يقول ان هذه الكتلة ترغب في هذا التمديد لاعتقادٍ ضمنيّ لديها أنه سيكون توافقياً، بحيث أنه إذا بدأ بولاية المجلس النيابي فإنه سينسحب على الحكومة ورئاسة الجمهورية وبعض المواقع الحساسة العسكرية والامنية.

وإذ يقول البعض إنّ لفريق 8 آذار مصلحة في تمديد ولاية المجلس الحاليّ، فإنّ المسؤول نفسه يرى أنّ لدى فريق 14 آذار المصلحة نفسها، ولكن انطلاقاً من الاسباب الآتية:

أولا- ان التمديد يُسقط المشروع الانتخابي الارثوذكسي الذي أقرّته اللجان المشتركة، ويمكن أن تقرّه الهيئة العامة لمجلس النواب كونه يحظى بتأييد الاكثرية النيابية، لأنّ جميع الكتل وافقت عليه، باستثناء كتلتي "المستقبل" و"جبهة النضال الوطني" وبعض النواب المستقلين.

ثانياً – الرغبة في انتظار مصير النظام السوري في ضوء الحرب الدائرة بينه وبين المعارضة، اذ إنّ في حسبان فريق 14 آذار أنّ هذا النظام سيسقط، ما سيؤدي الى انقلاب موازين القوى الداخلية اللبنانية لمصلحة هذا الفريق.

ثالثاً – ان التمديد يمنع الحكومة من ان تحكم البلاد بمفردها، لأن عدم حصول هذا التمديد، وتالياً عدم إجراء الانتخابات يجعلها السلطة الفعلية في البلاد في انتظار انتخاب مجلس نيابي جديد ربما لا يتيَسّر قريباً.

على ان بعض الدوائر المعنية تناقش افكاراً عدة، منها تمديد ولاية المجلس لسنة او سنتين، ويبدو ان التمديد الاكثر رجحاناً سيكون لسنتين، وذلك لسببين:

الأوّل انه لا يمكن تمديد ولاية المجلس لسنة، أي من حزيران المقبل الى حزيران 2014، في الوقت الذي تنتهي ولاية رئيس الجمهورية في 26 أيار من السنة نفسها.

والثاني أنه لا يجوز التمديد دستورياً لسنة في الوقت الذي لا ينصّ الدستور على ولاية مطلقة لرئيس المجلس لأربع سنوات، وإنما ينصّ على انه بعد انقضاء سنتين على انتخابه ونائبه يمكن طرح الثقة بهما بواسطة عريضة يوقّعها عشرة نواب وتحتاج الى موافقة أكثرية ثُلثي اعضاء المجلس لنزع الثقة عنها او لتجديدها.

وفي غضون ذلك، لم يفقد رئيس مجلس النواب نبيه بري الأمل في احتمال التوَصّل قريباً الى اتفاق على قانون انتخابي. ولذا، فإنه يواصل تسويق مشروعه المختلط الذي يراه الصيغة الفضلى لإجراء الاستحقاق الانتخابي بما يحفظ البلاد نظاماً ومؤسسات ويجنّبها الفراغ والخطر.

السابق
أوفردوز نسبيّة من تيّار المستقبل
التالي
انفجار يستهدف رئيس بلدية يارون