الخريف العربي.. وشمبانيا النصر!

لندع، أو لنضع جانباً، زجليّات الاستحقاق النيابي الذي يُعتبر في حكم المؤجّل، ومعه حكايات قانونه التي لا تختلف عن المضحك المبكي، والتي ستتفوّق بأفلامها على حكاية إبريق الزيت.
فثمة ما هو أهم وأخطر بكثير. وانطلاقاً من الحرب السوريّة أو الحرب العالميّة الثالثة. وربما إكمالاً وإتماماً لمقتضياتها و"وظائفها" ومهماتها. وبكل ما يرافقها من مجازر ومآسٍ وغرائب اقليميّة ودوليّة.
وخصوصاً من الباب اللبناني، أو الشبّاك اللبناني، أو الخاصرة اللبنانيّة، مما يجعل سياسة النأي بالنفس مدعاة للسخرية، ولا تختلف قليلاً أو كثيراً عن حال "الربيع العربي" المسكين الذي أدخل بقسوة وسرعة فائقة الى فصل الخريف برعاية مشدّدة ومباشرة من "الاخوان المسلمين"، والسلفيّين، والاصوليّين.
وليس بالنسبة الى مصر وحدها التي يتوسّع عصيانها الشعبي المدني الديموقراطي التغييري الاصلاحي التطويري، والرافض لكل ما تفيض به "قرائح" "الاخوان" من قوانين وقرارات وأوامر وفتاوى. فتونس الخضراء بدورها تصدح بـ"لا" مرة جديدة. ويكاد التونسيّون يعودون الى الشوارع بالالوف المؤلفة…
قال انتخابات قال! قال قوانين. وشمبانيا. وتبادل أنخاب. ودبكة محيّرة. ووصلة أبو الزلف…
انت فين والحب والانتخابات والانتصارات فين؟ المواقع الحربجيّة وراجمات الصواريخ والمتاريس تنتشر وتتكاثر تيمّناً بالفطر، من أعماق الحدود شمالاً وشرقاً الى امتداداتها جنوباً.
هذا كله يجري ويحصل ويحدث، وأنت تدقّ كأس الشمبانيا بضحكة انتصارك الوهمي، وكأن كل هذه المخاطر والذيول والتهديدات تستدعيك لفرقعة المزيد من فلّينات الشمبانيا.
هل تدري، أنت ومَن تبادلت معهم الأنخاب والضحكات، ماذا يعني ذلك كله على بعضه؟ يعني، بديهياً، ان الحرب السوريّة بدأت تخرج عن طورها و"روتينها" بعد حصول المعارضة والثوّار على سلاح ثقيل.
وربما الى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، مثلاً. والى أن تتوضح معالم الصورة والتطوّرات المتوقعة في ميادين وساحات بلدان "الربيع الخريفي" والتي اضيفت الى معاناتها جبال من الأزمات.
هنا يُقال "إن كنت لا تدري فتلك مصيبة، أو كنت تدري فالمصيبة أعظم".
كله في يوم وليلة، وفي غياب دولي "شامل"، للمرة الأولى تشهد مثله المنطقة العربية. تصوّر، مجرد تصوُّر، ان امبراطورية العصر "الستايتس" لا يطلع لها حس، ولا يظهر لها دور أو حضور أو مرور… كأن الأرض زلزلت فعلاً وابتلعت ذلك الدور الامبراطوري، ذلك الضجيج، ذلك الهدير الذي يسبق عادة الطوفانات.
هل أدركت الآن ماذا "يخفي" الوضع العربي الاقليمي تحت قبّعته؟ لا بدّ من التريّث والتعرُّف الى المسؤولية في ظروف حبلى كهذه، والسعي للنأي بلبنان فعلاً وعملياً، بعد استنفار الغرائز والعصبيّات الطوائفيّة المذهبية، بكل فروعها واسمائها.
لم يبق إلا أن نستيقظ ذات ليل على طبول الانزلاق الجهنمي!

السابق
أبو جمرا: لمشروع الدائرة الفردية مع تقسيم الدوائر مناصفة بين المسلمين والمسيحيين
التالي
الرؤوس أم الكراسي؟