ماذا يجري في منطقة القصير ـ الهرمل الحدودية؟

الداخل اللبناني «غارق حتى أذنيه» في معركة سياسية شرسة تتعلق بقانون الانتخابات لأن من يربح هذه المعركة يسهل عليه ربح كل المعارك والاستحقاقات الآتية.
ولذلك فإن الكثيرين غير متنبهين وربما غير مكترثين لما يجري على الحدود اللبنانية ـ السورية رغم خطورة الوضع وطبيعة الأحداث والتطورات الجارية والتي تعزز المخاوف في شأن انتقال الأزمة السورية المتفجرة الى لبنان وتسر بها عبر الحدود المفتوحة وخصوصا من الحدود الممتدة بين منطقتي الهرمل (البقاع) والقصير (حمص) التي فيها كثير من التداخل.

في الوقائع الميدانية روايتان:

1 – رواية المصادر القريبة من حزب لله وملخصها أن هذه المنطقة الحدودية من «القصير» لها خصوصية تاريخية وجغرافية وهي مجموعة قرى سورية تعتبر امتدادا بشريا وجغرافيا لمنطقة الهرمل، يقطنها لبنانيون (نحو 20 ألف لبناني) منذ أكثر من ثمانية عقود من الزمن وهؤلاء قرروا بعد التطورات الميدانية الأخيرة أن يدافعوا عن أنفسهم فشكلوا لجانا مسلحة وبدأوا فعلا صد هجمات المعارضين، على مدى أكثر من السنة ونصف سنة ونجحوا في الصمود والثبات رغم الهجمات الشرسة للمعارضين.

وفي الفترة الأخيرة، شعرت عناصر هذه اللجان بأن المعارضين يعدون لهجوم جديد على قراهم، فكان أن بادروا هم إلى شن هجمات باتجاه قرى وبلدات سورية ونجحوا في طرد المسلحين منها.

ونجح هؤلاء في فرض واقع ميداني جديد تزامن مع تقدم سجلته القوات النظامية السورية في داخل مدينة حمص ومحيطها.

وفي تفاصيل أكثر ذكرت المعلومات أن قرى الخالدية، المصرية، زيتا، وخراج بلدة حوش السيد علي تعرضت لهجومين من جهة غربي العاصي نفذتهما عدة مجموعات من المعارضة السورية التي تتخذ من مدينة القصير وريفها مراكز انطلاق لها، وجرت معارك من مسافات قصيرة بالأسلحة الفردية على أطراف هذه البلدات.

وبحسب سكان المنطقة، فإن مجموعات من «جبهة النصرة» و«الجيش السوري الحر» عمدت على مدى الأيام الخمسة الماضية إلى حشد المقاتلين استعدادا لمهاجمة عدد من القرى السورية التي تقطنها عائلات لبنانية، كأم الدمامل وأبو حوري والنهرية، ولجأوا إلى تهجير عائلات لبنانية من آل الهق وآل العجمي، والاستيلاء على أرزاقهم وممتلكاتهم».

وبدا واضحا بحسب المعلومات أن الهدف هو تهجير اللبنانيين وخلق مساحات أوسع من السيطرة تسمح للمسلحين بالمناورة فيما لو هاجمهم الجيش السوري.

إضافة الى فتح طريق باتجاه منطقة وادي خالد في الشمال لربطها بمدينة القصير، بغية فتح طريق للإمداد اللوجستي والعسكري، بعد إقفال جرود عرسال وصعوبة المرور فيها.

2 – رواية مضادة من جانب الجيش السوري الحر تقول إن حزب لله يتدخل في القتال الى جانب نظام الأسد من دون إشراك مقاتليه بشكل مباشر.

حزب لله يقاتل بالشيعة، أما دوره فيقتصر على تدريبهم وتسليحهم ومساندتهم بغطاء ناري من مواقعه الحدودية داخل الأراضي اللبنانية. وهو استعاض عن إشراك مقاتليه في المنطقة ضد الجيش السوري الحر بمقاتلين محليين تابعين له وينتمون إليه عقائديا.

أما دور عناصر حزب لله وكوادره فيقتصر على تدريب أبناء هذه القرى الشيعية، وتعبئتهم على غرار اللجان الشعبية التي يشكلها النظام السوري في الأحياء السورية الداخلية، فضلا عن تسليحهم وتأمين الإسناد الناري المدفعي لهم انطلاقا من قواعده على جبل الهرمل داخل الحدود اللبنانية الموازي لجبل «أكروم».

وفي رواية الجيش الحر أن العمليات التي جرت في الأيام الأخيرة هي عمليات عسكرية منظمة جدا تديرها غرفة عمليات، بعد أن فقد النظام السيطرة على المنطقة، حيث كلف حزب لله بالعمل العسكري فيها ليركز هو قواته في العاصمة دمشق وللحفاظ على خطوط الإمداد اللوجستية. ومن غير المستبعد لجوء حزب لله الى اجتياح منطقة القصير، ويحشد لذلك حوالي 10 آلاف مقاتل.

بقطع النظر عن مضمون الروايات ومدى صحتها وملاءمتها للواقع، فإن ما يجري في منطقة القصير السورية (أرضا) اللبنانية (سكانا) يفتح «نافذة خطر» ومن خلالها يمكن أن تتسرب شظايا وشرارات الحرب والصراع في سورية الى لبنان، خصوصا في ظل تطورات مقلقة داخل سورية مع تصاعد عمليات «الخطف على الهوية» وحدة الصراع الطائفي، والتفاعل الحاصل مع هذه الأحداث الحدودية من قوى وقيادات الطائفة السنية في لبنان (بيان الرئيس الحريري قبل أيام متسائلا عما يفعله حزب لله على الجبهة مع سورية ومن أعطاه وكالة الدفاع عن الحدود، وإعلان القوى السلفية عن استعداداتها للرد على تدخل حزب لله في سورية).

إضافة الى تآكل سياسة النأي بالنفس تحت وطأة ما يجري على الأرض، وظهور محدودية تأثير إعلان بعبدا وقدرته على تحييد لبنان عن الأزمة السورية، في وقت يتعاظم القلق اللبناني ويصل الى ذروته هذه الأيام. مع وجود هاجسين: إلغاء الانتخابات وانتقال شرارة الحرب المذهبية عبر الحدود.
  

السابق
عبدالله: الحكومة مدعوة الى معالجة ملف سلسلة الرتب
التالي
مخاوف من صدامات في صيدا بين أنصار الأسير وحزب الله