مرسي الخطأ الاكبر لاميركا

قالت صحيفة واشنطن بوست إن الرئيس الأمريكى باراك أوباما ووزير خارجيته الجديد جون كيرى، يحتاجان إلى الاهتمام بمصر الآن، وأوضحت الصحيفة فى مقال كتبه كلا من روبرت كاجان الخبير بمركز بروكنجز، وميشيل دون مدير مركز رفيق الحريرى لدراسات الشرق الأوسط فى المجلس الأطلنطى، أن مصر تواجه أزمة اقتصادية تلوح فى الأفق وانهيار واسع فى القانون والنظام بما فى ذلك انتشار للجريمة والاغتصاب، وهو ما يمكن أن يعيق جهود مصر لأن تصبح ديمقراطية مستقرة.

ويرى الكاتبان أن إدارة أوباما تعاملت مع مصر فى الأساس باعتبارها مشكلة اقتصادية، وحثت القاهرة على التحرك سريعا لتلبية مطالب صندوق النقد الدولى من أجل الحصول على القرض الذى تحتاجه، إلا أن أزمة مصر الاقتصادية لا تنفصل عن أزمتها السياسية، ولا عن إخفاقات الحكومة الحالية، فاقتصاد مصر يعانى والاضطراب منتشر أساسا بسبب فشل قادة البلاد على مدار العامين الماضيين، أولا المجلس العسكرى ثم الرئيس محمد مرسى، فى بناء عملية سياسية شاملة، وحتى يفعلوا ذلك، فلن تحدث أى أموال يتم الحصول عليها من صندوق النقد فارقا.

ويتابع الكاتبان، وكلاهما ضمن مجموعة عمل خاصة عن مصر تضم عددا من خبراء مراكز الأبحاث الأمريكية، ويقولا إنه على الرغم من أن مرسى فاز بفارق طفيف فى الانتخابات الرئاسية، إلا أنه لم يتعلم بعد ما تعنيه القيادة فى مجتمع ديمقراطى، ورغم أن جماعة الإخوان المسلمين هى أقوى قوة سياسية، إلا أنها لا تقود أغلبية الدعم الجماهيرى، ولا تستطيع ببساطة أن تفرض إرادتها على البلد، خاصة وأنها لا تزال تشهد روح الثورة.

ولم يقم مرسى بالمهام الصعبة، مثل قطع الدعم عن الوقود وإصلاح وزارة الداخلية والشرطة بينما تقف ضده أغلب الجماهير ومستعدة للنزول إلى الشارع عند أقل تحريض.

وتحت حكم مرسى، أصبحت مصر مجتمعا مستقطبا بين إسلاميين وغير إسلاميين، والمعارضة العلمانية ورغم تشكيلها لجبهة الإنقاذ، إلا أنها منقسمة تحت السطح بين هؤلاء الذين يريدون الإطاحة بمرسى ومن يريدون إجباره على التوصل إلى حل وسط، وبالرغم من أن الأغلبية تؤيد الإصلاح الاقتصادى الضرورى للحصول على قرض صندوق النقد، إلا أن العديد يشعرون أنهم يجب أن يحشدوا للاحتجاجات فى الشارع ضد أى عمل يقوم به مرسى.

والنتيجة هى أنه مع وجود مصر على حافة الإفلاس، فإن الحكومة والمعارضة محاصران فى موقف خطير، فالاقتصاد يغرق والصراع السياسى يتصاعد والموقف الأمنى يتدهور.

وتذهب الصحيفة إلى القول بأن رد فعل واشنطن على هذا كان القيام بالمعتاد، فتماما مثلما تمسكت الولايات المتحدة من قبل بمبارك، فإن الإدارة الأمريكية اعتمدت بشدة على مرسى، ودعته إلى زيارة واشنطن، واستمرت فى تقديم المساعدات العسكرية السنوية، كما كان رد فعل واشنطن على أفعال مرسى صامتا.

وتعتقد المعارضة فى مصر وجماعات حقوق الإنسان غير الحزبية، بشكل مفهوم، أن واشنطن تتجاهل الممارسات غير الديمقراطية طالما ظلت الحكومة المصرية تحمى المصالح الأمريكية، فغير فتح قنوات اتصال جديدة مع الإخوان المسلمين، لم يكن هناك إعادة تقييم جذرية للسياسة الأمريكية تجاه مصر منذ الإطاحة بمبارك، فالمساعدات العسكرية والاقتصادية الأمريكية لمصر لا تزال كما هى، فيما عدا قطع كل المساعدات المتعلقة بالديمقراطية والمجتمع المدنى.

ودعا كاجان ودون الإدارة الأمريكية إلى ضرورة تبنى نهج جديد، وقال إن كلا من الإدارة والكونجرس فى حاجة إلى مراجعة شاملة للمساعدات الاقتصادية والعسكرية لمصر، وأوضحا أن ما يحتاجه الجيش المصرى لإرساء الأمن فى سيناء ليس طائرات "إف 16" على الأرجح.

وعن الشروط التى يجب أن يضعها الكونجرس على المساعدات، قال الكاتبان إن المساعدات السابقة كانت مشروطة بحدوث تقدم نحو الديمقراطية، إلا أن الإدارة الأمريكية أصرت على التنازل حرصا على أمنها القومى، وقدمت المساعدات بغض النظر عن سلوك مصر، وطالبا الكاتبان بضرورة ألا يسمحا للكونجرس بمثل هذه الشروط عند إقرار المساعدات القادمة.

وفيما يتعلق بزيارة مرسى القادمة لواشنطن، طالب دون وكاجان بضرورة تعليق الدعوة لحين يبدى مرسى التزاما صادقا بالعمل مع كل المجتمع المصرى، ويسح بحرية حقيقية للمواطنين، وهذا يعنى دعم القانون الذى يلبى المعايير الدولية فى تنظيم المجتمع المدنى، والسماح لمنظمات المراقبة أن تعمل بحرية وحل قضية المنظمات غير الحكومية الممولة من الخارج.

وختم الكاتبان مقالهما بالقول إن الولايات المتحدة ارتكبت خطأ إستراتيجيا لسنوات بتدليل لمبارك، وأدى رفضه إجراء إصلاحات إلى ثورة ميدان التحرير، وها هى تكرر الخطأ بتدليل مرسى فى هذه اللحظة الحرجة، وعلى الولايات المتحدة أن تستخدم كل خياراتها، المساعدات العسكرية والاقتصادية والنفوذ الأمريكى على صندوق النقد الدولى والمقرضين الدوليين الآخرين، لإقناع مرسى بالتوصل إلى تسوية مع السياسيين العلمانيين وقادة المجتمع المدنى على القضايا السياسية والحقوقية، لإعادة بناء الأمن ووضع الاقتصاد على المسار الصحيح.

السابق
الجيش الاسرائيلي يتأهب لانفجار الأوضاع في أي لحظة بالضفة
التالي
الاسرى الفلسطينيون المضربون عن الطعام:مستمرون في الاضراب