تعديل أوباما

هل يستطيع باراك أوباما أن يعدّل «التعديل الثاني» في الدستور الأميركي، على غرار ما فعله أبراهام لينكولن بخصوص «التعديل الـ13»؟
ما يجري في الولايات المتحدّة الأميركية دافعٌ إلى طرح هذا السؤال. «التعديل الثاني» أباح للفرد الأميركي اقتناء أسلحة فردية، بحجّة المساهمة في حماية «أمن الأمّة». «التعديل الـ13» مرتبط بالعبودية. إلغاؤه حرّر «العبيد» من تسلّط الرجل الأبيض عليهم. الخطوة الجريئة التي قام بها لينكولن أفضت، وإن بعد نحو مئة وخمسين عاماً، إلى تحرير فعليّ للسود. إلى اغتياله أيضاً. إلى وصول أول رئيس أميركي أسود إلى البيت الأبيض: باراك أوباما. هذا الرئيس مطالب بخطوة لا تقلّ جرأة عن خطوة أحد أبرز أسلافه وأهمهم. خطوة تعديل «التعديل الثاني» بما يتلاءم وصرخة أميركيين عديدين ضد الانتشار المخيف للأسلحة الفردية بين المراهقين والشباب. ضد تفاقم عمليات القتل الجماعي. ضد ارتفاع عدد ضحايا مقتني الأسلحة الفردية. ضد فعل الاقتناء بحدّ ذاته. الدم كثير. الجثث كثيرة. الفوضى أيضاً.
تحاليل عديدة سيقت في هذا الإطار. من المسؤول؟ مدافعون شرسون عن «التعديل الثاني» وحرية اقتناء الأسلحة الفردية متمسّكون بما يعتبرونه حقّاً دستورياً لهم. بعضهم يتّهم الحكومة الفيدرالية بالخراب. بعضهم يقول إن السينما محرّض أول على العنف. جميعهم لا يأبهون بكثرة الدم والجثث. لهؤلاء لوبي ضاغط متمثّل بـ«الرابطة الوطنية للبنادق». لوبي قادر على تعطيل أي مشروع هادف إلى وضع قوانين جديدة تحدّ من الانتشار الكبير للأسلحة. قادر على تعطيل كل مبادرة هادفة إلى حماية الناس من عنف الأسلحة ووحشية استعمالاتها الداخلية. قدرته متأتية من الدستور. باراك أوباما مطالب بخطوة أبراهام لينكولن. الاغتيال؟ أمر وارد. لكن الخطوة، في حال تمّ القيام بها، تُشكّل ركناً أساسياً في الطريق إلى الحدّ من انتشار العنف.
قرأت السينما هذا الواقع مراراً. اتُّهمت غالباً بالتحريض على العنف والقتل. الأسلحة الفردية المتطوّرة مباحة. ما تبثّه شاشات التلفزة من أهوال عنفية كفيل بإثارة الجنون في العقلاء، فكيف بالمضطربين النفسيين؟ السينما أنتجت أفلاماً متضمّنة عنفاً مجانياً. أفلاماً تجارية ذات شعبية كبيرة. الأفلام السجالية عديدة. لها شعبيتها. لها مناصروها. لها أعداء أيضاً. أوليفر ستون وكوانتن تارانتينو ناقشا العنف. انتقداه. حلّلا أسبابه ونواته. الأول انتقده بشدّة، من خلال حكايات مأسوية مصوّرة بأسلوب درامي قاس. الثاني رفع من شأنه كي يتفنّن بالسخرية منه أحياناً. كي يُبدع في تفكيكه دائماً. أرنولد شوارزينيغر قال إن على المجتمع الأميركي أن يُعيد النظر في أساليب التربية الجماعية. دافع عن السينما. هو أحد أبطال عنفها التجاري المجاني، لكنه أصاب بقوله هذا. سيلفستر ستالون، زميله في هذا النوع من الأفلام، مدافع عن فكرة تعديل «التعديل الثاني». تشارلتون هستون كان أحد أشرس المناضلين في صفوف «الرابطة الوطنية للبنادق».
معركة قاسية؟ لكن وقائعها تجري خارج الشاشة الكبيرة.

السابق
اللواء: عن مصادر أمنية توقيف شخصين شاركا بخطف نجيب يوسف
التالي
ناشط في حزب الله يعترف أنه يجمع المعلومات عن سياح إسرائيليين