دوحة جديدة

المناقشات التي شهدتها جلستا اللجان المشتركة قبل الظهر ومساء أمس، حول ما اتفق خطأ على تسميته بالقانون الأكثري، لا توحي بأي إمكانية للموافقة على هذا القانون ولا على أي قانون آخر يُطرح من داخل أو من خارج اللجان المشتركة بما فيها القانون المختلط بين النسبي والأكثري الذي قيل أن رئيس المجلس نبيه بري لا يزال يراهن عليه وبالتالي لم ينفض يده منه بعد، ويعلن بالفم الملآن فشل المجلس النيابي في التوصل إلى قانون توافقي للانتخابات النيابية.
القانون الأرثوذكسي مرفوض ليس من رئيسي الجمهورية والحكومة فقط بل ومن شريحة واسعة من المكوّن اللبناني هي الطائفتين السنية والدرزية، لأسباب كثيرة شرحها ممثلو الطائفتين في جلستي أمس وهي أنه ينسف صيغة العيش المشترك التي نص عليها الدستور في مقدمته وفي معظم مواده، كما يؤدي إلى تفتيت المجتمع اللبناني بإسم المشاركة الحقيقية والتمثيل الصحيح إلى مجتمعات متناحرة على عدد الطوائف التي يتشكل منها المجتمع اللبناني.
فالتمثيل الصحيح ليس معناه أن تنتخب كل طائفة نوابها، ولا معناه أن يتقوقع الأرثوذكسي، والكاثوليكي والماروني والسنّي والشيعي والدرزي ضمن طائفته، ولا يبقى من مسوغ لوجود الكيان اللبناني الواحد الموحد، بل يتحول إلى كيانات على عدد طوائفه تناحر بعضها بعضاً.
وأي حل وفق هذا القانون يعني نسف للكيان الواحد وتخريب للعيش المشترك بل لوحدة المجتمع التي تشكل هذا الكيان القائم حالياً وأي كلام آخر هو محاولة للهروب إلى الأمام، وتجاهل الحقيقة المرّة.
والرئيس بري يعرف ذلك جيداً ورغم معرفته قبل بأن تبدأ اللجان بمناقشة القانون الأرثوذكسي بوصفه حصل في اللجنة الفرعية، أي في لجنة التواصل، على موافقة خمس كتل نيابية تشكل الأكثرية في مجلس النواب، ولكن هل يمكن أن يقرّ قانون بهذه الأهمية بالأكثرية رغم معارضة شريحة أساسية أو مكوّن أساسي في الكيان اللبناني هما السنّة والدروز ورغم تعارضه الفاضح مع الدستور والميثاق الوطني الذي وجد على أساسه وبناء عليه الكيان بمعنى لبنان الكبير بحدوده الجغرافية المعترف بها دولياً، فضلاً عن أسباب وحسابات أخرى للقوى السياسية المشاركة في النقاشات الدائرة في شأن قانون الانتخابات.
قطعاً لن يؤدي النقاش الدائر إلى أية نتيجة وستنتهي النقاشات بعد يوم أو يومين أو أكثر ويبقى قانون الانتخابات معلقاً، خصوصاً وأن لا مصلحة للفريقين في إقرار أي قانون، لأنه لا مصلحة لهما في تغيير المعادلة القائمة اليوم. فحزب الله ومعه عون وبري مرتاحين إلى الوضع الحالي، ويهمهم أن يبقى على حاله إلى أن تتضح صورة الوضع في سوريا وقوى الرابع عشر من آذار هي أيضاً مرتاحة إلى وضعها الحالي ولو خارج الحكم.
وبكلام آخر فإن الفريقين عاجزان عن التفاهم على قانون انتخاب واحد وبات الأمر بحاجة إلى دوحة جديدة أو إلى طائف جديد، ولكن لا هذا متاح ولا ذاك، لأن ما من أحد يضع هذا البلد من ضمن أولوياته،

السابق
تكريم أدباء وشعراء في صور
التالي
ماضي طلب التحقيق لمعرفة ناشري الصور المشوهة للملك السعودي