تكتكة القنبلة الموقوتة

ليس في اللجان المشتركة ما لم يكن في اللجنة الفرعية. ولا فيهما ما ليس في المجلس ولبنان والمنطقة: اتفاق على المعايير الحاكمة لقانون الانتخاب. وخلاف على المقادير المتحكمة بلبنان. معادلة مثالية لقانون انتخاب يضمن الجمع بين التمثيل المسيحي والتوازن السياسي والميثاقية والعيش المشترك. وتعادل سلبي في رفض المشاريع المقدمة، كأن لبنان المفتقر الى الدولة بمعناها المحوري والجوهري هو مجموعة دول في ما يشبه مجلس الأمن الدولي لكل منها حق الفيتو. فلا جدوى من النقاش، مهما طال، اذا كان القرار المتخذ مسبقاً هو الامتناع عن الاتفاق على قانون. ولا معنى للانتخابات اذا كان الهدف هو الذهاب اليها كحرب أهلية بصناديق الاقتراع ضمن حرب محاور إقليمية ودولية تديرها حسابات ومصالح جيوسياسية وتُدار بصراعات مذهبية.

ذلك أن الكل تقريباً يتحرك على طريقة مَن يرى البحر في قطرة ماء، كما يقول المثل. قطرة الماء هي الانتخابات النيابية والرهانات على الربح وتحديد النتائج سلفاً بشكل القانون. والبحر هو مصير لبنان والحاجة الى حفظ رأسه وقت تغيير الدول. فنحن في أزمة حكم ونظام لا حلول لها على جدول الأعمال. وهي أزمة يصعب الفصل بين بُعدها الداخلي والفعلي من جهة والمصطنع من جهة أخرى وبين أبعادها الخارجية في منطقة تشهد تحولات هائلة لا تزال سائلة، بحيث سقط نظامها الاقليمي القديم ولم يتبلور النظام الجديد. فالمشهد حيث سقطت الأنظمة كثير المخاطر بعد الفرصة التي فتحها الربيع العربي. وهو، حيث تقاتل الأنظمة بشراسة، مفتوح على احتمالات أخطر أقلها تفكيك الوحدة الجغرافية وانهيار الدول وامتداد المضاعفات الى بلدان الجوار ولا سيما الأضعف بينها مثل لبنان.
والانتخابات، مهما تكن نتائجها ليست العامل الحاسم في مصير لبنان، وان توهم البعض ذلك، سواء للاصرار على قانون يضمن له الربح، أو تعذّر لرفض التفاهم على قانون من أجل تطيير الانتخابات. فليس أكبر من ثمن الرهان على تغيير لبنان وسلطته وتوجهاته بالانتخابات سوى ثمن الهرب من الانتخابات. إذ لا أحد يعرف كيف يكون اليوم التالي بعد الفراغ السياسي ولا الى أين يقود. ولا شيء يوحي ان صورة النظام الاقليمي الجديد ستظهر عملياً خلال سنوات أو انها ستكون مريحة للوطن الصغير.
واذا لم يكن ما جرى حتى الآن في النقاش هو تمارين في العبث، فانه مباراة في التاكتيك. لكن المشكلة ان التكتكة السياسية تدور تحت صوت التكتكة في قنبلة موقوتة معدّة لتفجير لبنان من ضمن القنابل المتفجرة في المنطقة والساعة دقّت لقليل من الوعي.

السابق
مشعل: مصر تجري اتصالات لإنهاء معاناة اسرى فلسطين
التالي
الأسد مربوط بأوباما!