هذه بعض تكتيكات اللاعبين

بدخول مأزق قانون الانتخاب في الـ48 ساعة الحاسمة، تتسارع وتيرة الاتصالات في كل الاتجاهات، لمحاولة بلورة توافق الحد الأدنى، وإلّا فاختبار المشروع الأرثوذكسي سيكون السيف المُصلت فوق رقبة اكثر من طرف.
«المستقبل» يستغرب غَرق عدوان أكثر من اللازم في قانون برّي غير المتوازن

لم يكن، حتى مساء أمس، قد تبلوَرَ توجّه واحد داخل قوى "14 آذار"، وهذا ما سيزيد من عمق الأزمة التي وَلّدها المشروع الأرثوذكسي. "القوات اللبنانية" بَدت في اللجنة النيابية وكأنها تسير إلى النهاية في سياسة إحراج الحلفاء، وحلفاء الحلفاء، توَصلاً الى معرفة الخيط الأبيض من الأسود في قانون الانتخاب.

من جهة حَرصت "القوات" على التنسيق مع تيار "المستقبل"، ومن جهة ثانية وسّعَت التنسيق مع الرئيس نبيه برّي. تنسيق كاد أن يؤدي إلى إعلان الدخان الأبيض، لولا معارضة "المستقبل" و"التيار الوطني الحر" على السواء لاقتراح برّي غير المعدّل.

الواضح أن "القوات" تريد إيصال رسالة الى "المستقبل" بأنّها ليست مستعدة لدفع ثمن قانون انتخابي لا يؤمّن المشاركة المسيحية العادلة، ولكنها في الوقت نفسه تركت الباب مفتوحاً أمام توافق اللحظة الأخيرة على أيّ قانون غير الأرثوذكسي يُحقق ما يقترب من هذا الهدف، سواء قانون النائب سامي الجميّل، أو قانون برّي معدلاً، أو قانون الوزير السابق فؤاد بطرس بنسخته الأصلية.

ما لم تَقله "القوات" سواء بلسان الدكتور سمير جعجع، أو بلسان النائب جورج عدوان، أنها لا تزال تراهن على أن ينجح "المستقبل" في التفاهم مع النائب وليد جنبلاط على قانون مُنصِف لكلّ هذه القوى، ومن ضمنها الفريق المسيحي، حتى لا يضطر الجميع فَرادى أن يدفعوا ثمن الذهاب للتصويت على الأرثوذكسي.

ليس سراً أن "القوات" تقبل بقانون يحقّق هدف المناصفة، وإن من دون إخضاعها لميزان الذهب (الحد الأدنى 55 نائباً مسيحياً ينتخبهم المسيحيون بأصواتهم)، وليس سراً أنها لا تأبَه لطريقة تحقيق هذا الهدف. وسواء استطاع "المستقبل" أن يقنع جنبلاط بالاقتراب من هذا الطرح في بيروت أو عبر الرياض، فإنّ ذلك لا يهمّ، لأنّ المطلوب هو نزع المبادرة من "حزب الله" وحلفائه، والاتفاق على قانون انتخاب يحقّق التمثيل، وعندها لا يكون هناك من داع للتمسّك بالأرثوذكسي.

أمّا في حال عدم التوصّل الى هذه التسوية، فتبدو "القوات" غير قابلة لأن تصبح شهيداً على مذبح قانون الستين، في وقت لا يبذل الفريق الآخر الجهد اللازم لتأمين توافق بين قوى "14 آذار" وحلفائها المفترضين على قانون يُريح الجميع.

من وجهة نظر تيار "المستقبل" فإنّ الأمور لا تسير كما يفترض التحالف داخل "14 آذار" أن يكون. الاجتماعات تكثّفَت في الساعات الماضية في الكتلة، لاتخاذ قرار نهائي من اجتماعات اللجان التي ستجري اليوم. وليس صحيحاً أنّ التواصل مع جنبلاط مقطوع، فالنائب أحمد فتفت قدّم إليه مجموعة من الاقتراحات، وَعدَ بالبَتّ بها فور عودته من السعودية.

هناك استغراب في تيار "المستقبل" لغَرق النائب جورج عدوان أكثر من اللازم في قانون الرئيس نبيه برّي غير المتوازن، الذي، وبتقدير معظم الخبراء، لا يؤمّن لقوى "14 آذار" مجتمعة اكثر من 54 نائباً.

مَردّ الاستغراب أيضاً أنّ عدوان لم يستطع تعديل حرف واحد في قانون برّي، أثناء المناقشات التي حصلت في المجلس، فقد استمرّ النائب علي بزي برفض التعديل، مُجيباً زملاءه الذين حاولوا جَس النبض بكلمتين بالإنكليزية: (as it is)، ما يعني التمَسّك الحرفي بالقانون من دون أي تعديل.

البعض داخل "14 آذار" يراهن على النتائج السحرية التي قد تنتج عن زيارة جنبلاط إلى السعودية. لهذه الزيارة أهمية كبرى، لأنّ جنبلاط الذي رفض حتى تحديد موعد لمَن فاتحوه بقانون الدوائر الصغرى، يعرف كيف ومتى ولمَن سيُعطي كلمة السر في قانون الانتخاب، وأيضاً لأنّ تحديد الرئيس برّي جلسة اللجان، لا يعني سوى تسليط سيف الأرثوذكسي فوق رقاب الجميع. هذا يقود إلى توَقّع تحوّل مفاجئ في مواقف أطراف، كانت حتى الأمس القريب، تنام في لعبة البوكر الانتخابية على الكثير من الأوراق المستورة.

السابق
مصدر عسكري ينفي وقوع اشتباكات بين عناصر حزب الله والجيش الحر
التالي
الحجار: سنشارك في اجتماعات اللجان للتصدي للارثوذكسي