حتى الشهداء لحماية السلاح!

لم يكتفِ الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله بإثبات صحة ما قاله الرئيس سعد الحريري، في الذكرى الثامنة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري، عن تمسك حزبه بمعادلة "أن كل السياسات في خدمة السلاح"، حتى أضاف معادلة أخطر "أخلاقياً" ومفادها "أن كل الشهداء في خدمة السلاح"، ودائماً وفق معادلة أن السلاح لا يخدم أحداً، إلا نظامي بشار الأسد والولي الفقيه.
إذاً، وفق منطق نصر الله، "كل الشهداء في خدمة السلاح"، وفي مقدمهم الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بعدما أسهب في "استغيابه" والحديث عن تاريخه في حماية المقاومة، لكن ثمة من يسأل في المقابل لماذا لا يكون السلاح في خدمة الشهداء؟! لماذا لا "يرد الجميل" لمن يقول نصر الله إنه التزم حماية المقاومة حتى استشهاده، بأن "يقاوم" من أجل كشف الحقيقة وإحقاق العدالة في قضية اغتياله، بدل أن يستشرس في حربه ضد الحقيقة والعدالة؟
أصاب الرئيس سعد الحريري برده السريع على نصر الله بأنه "لا يحق لحامي المتهمين باغتيال رفيق الحريري أن يتحدث عن تاريخ الرئيس الشهيد"، وأكمل "تيار المستقبل" الرد بأن سأل نصر الله الذي لا يكف عن المزايدة بحرصه على دماء الشهيد :" ألا تستحق قضية الرئيس الشهيد رفيق الحريري منك، يا سيد حسن، أدنى تقدير أو مساعدة أو وقوف على خاطر فئة كبيرة من اللبنانيين، بأن تتنازل وتسلم المتهمين الأربعة، وجميعهم من "حزب الله"، بدل أن تتباهى بأنك تحميهم؟"، لا بل راح يرفعهم إلى مصاف "القديسين"، ويهدد بأنه لن يسلمهم، ولو بعد 300 سنة.
يأسف المرء لأن تصبح "قلة الوفاء" من شيم البعض، كما هي حال نصر الله، الذي يعاني، على ما يبدو أيضاً، من أزمة الاستخفاف بعقول اللبنانيين، لدرجة أن يقفز في كل مرة عن "الحقيقة المرة" بأن حماية المقاومة تكون "مدعاة فخر" عندما تبقى مقاومة للعدو الإسرائيلي، بينما تصبح حماية المقاومة "مدعاة عيب" عندما توجه سلاحها إلى صدور اللبنانيين، في غير محطة، منذ بدأت تشعر بفائض القوة، بعد أن أراد "سيد المقاومة" أن يأخذ من اللبنانيين "غنيمة" ما قال إنه انتصار على العدو الإسرائيلي في حرب تموز 2006، فإذا به يحصد "العار"، بما اقترفه سلاحه من جرائم، لا تعد ولا تحصى بحق لبنان واللبنانيين والحياة السياسية والديموقراطية.
بطبيعة الحال، لا يقترف "تيار المستقبل" أو قوى "14 آذار" خطأً حين يطالبون بـ"حل وطني" لأزمة السلاح غير الشرعي، أصل المشكلة وفصلها في لبنان، بل من يمعن في اقتراف الأخطاء هو "حزب الله" المصر، بقرار سوري إيراني، على ابتداع المعادلة تلو المعادلة لإبقاء سلاحه حياً يزرق، من "السلاح لحماية السلاح"، إلى "التنازل للحلفاء لحماية السلاح"، مروراً بـ"التهديد بضرب الاستقرار لحماية السلاح"، وصولاً إلى "النفط لحماية السلاح"، وليس انتهاءً بـ"الشهداء لحماية السلاح" أيضاً.
ثمة من يرى فارقاً كبيراً، بين "عيون لبنانية" ينظر من خلالها الرئيس سعد الحريري إلى الأزمات من أجل إنتاج حلول وطنية، وبين "عيون سورية إيرانية" ينظر من خلالها السيد حسن نصر الله لـ"مقاومة" أي حلول تنتج مصالحة وطنية، عبر الإبقاء على سلاحه "مصنعاً يومياً لإنتاج النزاع الأهلي والفتن بين المذاهب، ولإنتاج الجزر الأمنية، والجريمة المنظمة وغير المنظمة، والإرهاب، وشبيحة الأحياء، ومخالفة القوانين، والخطف، والفساد، واللصوصية، والتهريب والاستقواء على الدولة"، كما قال الرئيس الحريري.
ثمة من يرى فارقاً شاسعاً، بين من يقدم "ألف تنازل" من أجل "لبنان أولاً"، وبين من يقدم التنازلات فقط من أجل "السلاح أولاً"، لكن وفق معادلة ترهيب الجميع أن اليد التي تمتد إلى السلاح سنقطعها؟
المهم أن السيد حسن نصر الله اعترف بعظمة لسانه أن "هذا السلاح لو لم يكن لمقاومة اسرائيل لا يساوي عندنا شيئاً على الإطلاق"، ورب سائل يسأله: هل ما زال هذا السلاح يقاوم إسرائيل أم يقاوم بناء الدولة في لبنان؟! الجواب بسيط، بالاستناد إلى الوقائع، لم يعد هذا السلاح مقاومة أبداً، وبات، وفق منطق نصر الله نفسه، لا يساوي عند اللبنانيين شيئاً على الإطلاق!

السابق
المجلس الوطني السوري يحذّر الحكومة.. ويتوعد حزب الله
التالي
الحريري وفن تجاهل الواقع