الصوت الخافت للدولة المدنية 

على هامش الضجيج المتصاعد من المجلس النيّابي، والدخان الأسود المنبعث من نقاشات اللجنة النيابية المصغّرة لبحث اقتراحات قوانين الانتخاب، عقد «اللقاء التنسيقي للقوى الديموقراطية» مؤتمراً صحافياً في قصر الأونيسكو تناول فيه ثلاثة عناوين هي «الطبيعة المدنيّة للدولة»، «قانون الانتخاب» و«سلسلة الرتب والرواتب».
الوزير السابق شربل نحّاس أعدّ نصّه بعناية. فنّد أزمات الدولة منذ نشوئها على قاعدة مواد الدستور اللبناني الواضحة كما وردت في دستور 1926، ومن ثمّ تمّ تأكيدها في المقدمة المضافة عام 1990: لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية تقوم على احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد… والشعب مصدر السلطات، وكل اللبنانيين يتمتعون سواء بالحقوق المدنية والسياسية دونما فرق بينهم. يقول الدكتور سماح إدريس، وهو أحد الفاعلين في أكثر من جهة ساهمت في إعداد اللقاء، «بالعربي، الدولة المدنيّة هي الأساس والطوائف هي الاستثناء، إذ لم يرد في الدستور قبل وثيقة الوفاق الوطني أي ذكر للطائفية في التمثيل السياسي».
احتار المنظّمون في بداية المؤتمر الصحافي. ما العمل مع لوحة كبيرة للفنان وديع الصافي، كانت لا تزال معلّقة في صدر القاعة من معرض لوحات أخرى؟ قُضي الأمر بإنزال شاشة كبيرة خلف المنبر. أزمة لوحة الصّافي لا تقارن مع لوحات علّقت على الحائط المقابل: البطريرك بشارة الرّاعي ورئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا والمهاتما غاندي.
جلس نحّاس وإلى جانبه نديم علاء الدين وسايد فرنجية وإبراهيم الحلبي وسماح إدريس، كممثلين عن «المبادرة الوطنية للدفاع عن السلم الأهلي» و«التحالف الوطني التقدمي» و«الحركة الوطنية للتغيير الديموقراطي»، والتجمعات المذكورة هي لجان منبثقة عن تحالفات بين عددٍ من الأحزاب والقوى العلمانية على رأسها الحزب الشيوعي اللبناني والحزب السوري القومي الاجتماعي وحركة الشعب. وما إن بدأ نحاس بقراءة ورقته حتى امتلأت أغلب المقاعد المخصصة للحاضرين. لا يمكن غضّ النظر عن الفئة العمرية الطاغية في المؤتمر الصحافي، الشيب يغطّي المكان مع عددٍ قليلٍ من الشبان الناشطين في حركة الشعب واتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني. المؤتمر وطرحه ليسا مشروعاً لقطع طريق بالإطارات المشتعلة، ولا تعبيراً عن دعمٍ لطائفة أو زعيم يتعرّض «للظلم»، المؤتمر نشاط إصلاحيّ يطرح حلولاً من النوع الثقيل الذي تحتاج إليه البلاد الآن. لكن المفارقة أنه لا يسترعي اهتمام عددٍ كافٍ من الناشطين أو جزءاً يسيراً من الشعب اللبناني، وقد يلام المنظمون بحسب أحد الحاضرين على عدم توسيع الدعوة لتشمل فئاتٍ من الشباب الفاعلين في الحراك الأهلي الداعم لتطوير قوانين الانتخاب والدولة المدنية.
وخلص نحّاس إلى أنه لا حلّ في «سبيل التعبير الصادق عن إرادة اللبنانيين إلا باعتماد قانون قائم على اعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة وعلى النسبية مع لوائح مغلقة ومن دون عتبة دنيا للتمثيل وخارج القيد الطائفي».
وفي ختام المؤتمر، أعلن المنظّمون عن تحرّكات أمام المجلس النيابي الاثنين والثلاثاء المقبلين من ضمن نشاطات هيئة التنسيق النقابية للمطالبة بإقرار سلسلة الرتب والرواتب.

السابق
نولاند: نبحث مع روسيا لإيجاد أرضية مشتركة بشأن الأزمة السورية
التالي
الجبالي “متفائل” بمشاورات تشكيل الحكومة التونسية الاثنين