رائحة إغتيالات جديدة؟

تؤكد المراجع المعنية أنّ «لائحة الاغتيالات» التي «ظهرت» في الأيام الأخيرة «جدّية»، وأن الشخصيات التي وردت أسماؤها فيها وُضِعت في الأجواء، وهي تلقّت نصائح باتخاذ الإحتياطات.

بناء على هذه "الجدّية"، إستيقظت الهواجس مجدّداً، وهي لم تكن نائمة أساساً. واللافت أن اللائحة هي إياها، تلك التي "تظهر" بين الفترة والأخرى، والأسماء الواردة فيها باتت معروفة.

لكن الجديد في اللائحة هو أنها تضمّنت إحتمال استهداف ضابطين كبيرين مرشحين لخلافة العماد جان قهوجي في قيادة الجيش، إذا لم يتم التمديد له في أيلول. إلاّ أنّ المراجع المعنية، التي أكدت أن 11 شخصية وردت أسماؤها في اللائحة تُضاعف من تدابيرها الأمنية، أوضحت أنها لا تمتلك معلومات تتعلَّق بالإسمين العسكريين.

والمثير أن عودة أشباح الاغتيالات تتزامن مع الجدل الساخن في شأن "داتا" الإتصالات. وينمو القلق من الأسوأ، وسط الجدل الذي يعود بالملف إلى الصفر، أي إلى ما قبل التقرير الذي أعدته اللجنة القضائية المختصة، برئاسة القاضي شكري صادر، والتي "لبننت" التجربة الفرنسية في هذا المجال، أي أنها وازنت بين الميل الفرنسي إلى احترام الحرية الفردية، والحاجة اللبنانية إلى ضبط الأمن.

خوف من الأعظم

المخيف أن اللائحة إيّاها، بالأسماء العشرة أو أكثر بقليل، "ظهرت" مراراً في العام 2012. تحدّثت عن الدكتور جعجع فجرت محاولة اغتياله في نيسان، وأشارت إلى النائب حرب فتعرّض للمحاولة في تموز. وأما العقل الأمني الذي كان يشكل المظلة للطاقم السياسي ونخبة الصحافيين والأمنيين والعسكريين، اللواء وسام الحسن، فسقط في تشرين الأول، أي فيما كان يبعث برسائل التحذير إلى الآخرين.

وهو في أي حال كان يدرك أنه على اللائحة أيضاً، بل على رأسها. وهو في يوم اغتياله كان على موعد مع النائب عمار حوري في مكتبه في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي للبحث في تهديد تلقّاه حوري ونواب من تكتل "لبنان أولاً".

وهؤلاء النواب هم أنفسهم الذين تُدرجهم على متنها لوائح الإغتيال المتتالية، والتي تُسرِّبها أجهزة أمنية عدة لبنانية وعربية وغربية. واللائحة الأخيرة منسوبة إلى جهاز أمني في دولة خليجية، ومنشورة في "السياسة الكويتية". والعودة إلى الظروف التي رافقت كلاً من عمليات الإستهداف الأمني تكشف أنها كلها جرت في ظل نقاش محتدم حول "الداتا".

والمخيف أيضاً أنه مع تواتر الإغتيالات ومحاولات الإغتيال من نيسان إلى تموز فتشرين الأول، أي في معدل عملية كل ثلاثة أشهر، وفيما يقاوم وزير الإتصالات نقولا صحناوي طلب تسليم "الداتا"، فثمّة هواجس من ضربة أمنية تفاجئ الجميع.

وفي كانون الأول الفائت، أي بعد شهرين من اغتيال اللواء الحسن، تردّد أن شخصيات سياسية وغير سياسية وردَت أسماؤها في اللائحة القديمة – الجديدة، تلقّت تحذيرات من استهدافها. وجرى آنذاك ربط التهديدات، كما اغتيال الحسن، بملفات مفتوحة، وأبرزها ملف الوزير السابق ميشال سماحة.

الواضح أنّ الشخصيات المعنية بالتهديدات المستدامة تلتزم أقصى الحذر: الرئيس الحريري لن يعود حالياً، والآخرون من سياسيين وأمنيين يتحفظون عن المشاركة في أنشطة غير مضبوطة أمنياً. ولكنّ الجميع يدرك أن ما من أحد يمتلك المعلومات التي كان يمتلكها اللواء الحسن، وقلائل هم الذين لهم قدرة موازية على التخفّي أو الاحتماء. وعلى رغم ذلك، فالحماية لم تكن كافية.

وهذا يعني أن من الصعب أن يضمن "الغربال" الأمني سلامة طاقم وافر من السياسيين والصحافيين والأمنيين والقضاة، حتى في أكثر دول العالم مناعة، فكيف في بلد ممزّق سياسياً وطائفياً ومذهبياً و"تُخرْدِقُه" عشرات الأجهزة الأمنية؟

في بلد كلبنان، دائماً هناك خوف من أن يكون الآتي أعظم!

السابق
“قل لا للعنف”.. من حقي العيش بسلام
التالي
إصلاح المستقبل العربي؟!