إصلاح المستقبل العربي؟!

اوحت كلمة محمد جاسم الصقر رئيس مجلس العلاقات العربية الدولية في افتتاح مؤتمر"الوطن العربي والعالم… رؤية مستقبلية" بأنه أراد تنظيم "دافوس كويتي" لمهمة محددة عنوانها كيف يمكن ترتيب العلاقات العربية المستقبلية مع العالم في ظل التغيير العاصف في الدول العربية والذي لم تظهر خواتيمه وقد بدأت كفة الحذر منه ترجح على كفة التفاؤل به؟
من المبكر الحديث عن العلاقات المستقبلية لأن المستقبل السياسي في كثير من الدول العربية لا يزال غامضاً، لكن اذا كان الصقر ربط إخفاق العرب في السلم والحرب بالخلافات العربية وما انتجته من فرقة ونزاع، داعياً الى الانتقال من موقع رد الفعل الى منهجية التفاعل مع العالم، فان رئيس وزراء قطر الشيخ حمد بن جاسم قدّم في سياق مطالعة مثيرة، رزمة من الافكار الجريئة هدفها ارساء علاقات تعاون وتفاعل بين العرب والعالم كان ابرزها الدعوة الى تعميم الاصلاح ليصل الى جامعة الدول العربية، من خلال تعديل آليات عملها فتكون قراراتها بالغالبية لا بالاجماع الذي كان اساساً للفشل المزمن الذي اصاب العمل العربي المشترك وسبّب شروخاً في العلاقات العربية، لأن من المستحيل توفير الاجماع في البيت الواحد فكيف بدول الاسرة العربية؟
بنى الشيخ حمد رؤيته الافتراضية لمستقبل العلاقات العربية العالمية على حتميتين: حتمية الاصلاح وحتمية الدور الاستراتيجي. في الاولى يرى انه لكي تتوافر المشاركة العربية الفاعلة والضرورية في الساحة الدولية لا بد من الاصلاح، الذي يجعل الدور العربي اكثر حضوراً وتأثيراً "والاصلاح ليس بالضرورة ان تقوم ثورة او انتفاضة لأن الاصلاح المدروس والمتدرج والمواكب للتطلعات الشعبية قد يكون اجدى وانفع من اصلاح متعجّل تفرضه الضغوط او فورات حماسية". اما في الثانية فهو يذكّر بالثوابت التي لا يمكن العالم إغفالها، فالعالم العربي بحكم موقعه وموارده وتاريخه، لا يمكن تجاوزه في معادلات السياسة وحسابات الاقتصاد وهذا يشكل ثابتاً استراتيجياً يحتاج الى ترسيخ يفعّل الدور العربي عالمياً.
على قاعدة هاتين الحتميتين اطلق الشيخ حمد رزمة اقتراحاته لمستقبل عربي مثير فدعا الى تأسيس "منظمة التعاون للدول المطلة على الخليج، بحيث تضم ايران لأن لا بديل للطرفين من التعايش"، لكن من دون ان يبيّن طبيعة العلاقة المفترضة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وبحيث تفتح باب الشراكة امام الديناميكية التركية بما يضبط التسابق الاقليمي في الساحة العربية، ثم اقترح تأسيس آلية لتنظيم العلاقات العربية مع الاتحادين الاوروبي والافريقي ومنظمة آسيان واتحاد اميركا الجنوبية.
قمة الاثارة كانت دعوته الى الحرية الاعلامية المطلقة أي "اعلام من دون حسيب او رقيب، ليزداد فهم العالم لنا واحترامه لقضايانا"، وامام كل هذه الاقتراحات بدا وكأنه روبسبيير الربيع العربي!

السابق
رائحة إغتيالات جديدة؟
التالي
قبـل أن يسقـط حكـم الإخـوان