عرسال: طبخة التسوية استوت؟

على النار العرسالية، تغلي تسوية ما بين الجيش اللبناني
والبلدة النائية برعاية تيّار المستقبل. وتسوية من النوع الذي يحفظ ماء الوجه لرئيس بلدية عرسال علي الحجيري ودماء شهداء الجيش اللبناني تحتاج إلى وقت وسرعة في آنٍ معاً، المهم ألا يزداد الشرخ بين الجيش وعرسال، برعاية التطرّف

هدأت النفوس في عرسال وعند قيادة الجيش اللبناني. بدأ التفكير الواقعي والجدي في تدارك الأخطاء. هذا الهدوء آخذ في التراكم بعدما انتبه من في 14 آذار وحتى في المؤسسة العسكرية الى أن جهات بدأت تتحرك على الأرض فعلياً لتأجيج الشحن المذهبي ضد المؤسسة العسكرية التي لمست تجاوز هذا الشحن خطوطه الحمراء، منذراً بعواقب وخيمة على أرض الواقع العرسالي تحديداً. وتكشف جهات أمنية متابعة لما جرى بعد «مقتلة» عرسال، أن معطيات ميدانية تؤكد أن «الشحن المذهبي» ضد المؤسسة العسكرية وصل الى مستوى يجب وضع حد له، موضحة أن خطة العمل لمواجهة هذا «القلق» بدأت، وأن اتصالات سياسية وأمنية تجرى بعيداً عن الأضواء لسحب الأوراق من أيدي مجموعات متشددة ومنع استغلال حادثة عرسال وأخذ البلدة الى موقع لا تريده.
وتشير معلومات «الأخبار» إلى أن تيار المستقبل الذي كان غائباً فعلياً عن أداء مهمة ترطيب الأجواء بين عرسال والجيش اللبناني، والإسهام في وقف تدهور العلاقة بين الطرفين، تبلغ من جهات أمنية تقارير عن دخول أطراف متشددة على خط حادثة عرسال والاستفادة منها ومن موقعها الجغرافي وتحويلها الى مستقر لها. وتضيف المعلومات إن هذه التقارير أرسلت الى الرئيس سعد الحريري، الذي أوعز الى من يعنيه الأمر في بيروت للعمل ميدانياً في عرسال وخارجها على نزع فتيل تصاعد الأزمة بين البلدة والجيش اللبناني.
هذه الأجواء التي يتحدث عنها قادة في تيار المستقبل، استدعت فعلياً تحركاً ميدانياً من قبل كتلة التيار البرلمانية بعد اتصالات مكثفة مع الجيش اللبناني الذي أوحى للمتصلين به بوجوب التحرك على الأرض لوقف التدهور ومنع أخذ عرسال الى موقع مجهول. وتشير المعلومات الى أن التيار وضع مسودة «تسوية» سيعرضها على قيادة الجيش اللبناني بعدما عرضها على وجهاء من عرسال أسهموا أيضاً في ترتيب بنود التسوية وحتى صياغتها، معلنين التزامهم بها. وتوضح المعلومات أن الرئيس فؤاد السنيورة هو من وضع بنود مسودة التسوية، وأرسل وفداً نيابياً من كتلة المستقبل الى عرسال لإبلاغ العراسلة رفض التيار الأزرق «استهداف الجيش ومن خلفه كل عرسال».
استشعار مخاطر ما يعد لعرسال وخطفها الى جهة مجهولة، ووضع حد للشحن المذهبي ضد مؤسسة الجيش، أنتجت «مسودة» تسوية أمنية ـــ سياسية في حال نجاحها ستحدّ من التوتر بين عرسال والجيش اللبناني. وتكشف معلومات «الأخبار» أن الجيش اللبناني لم يقفل الباب أمام إيجاد حل لا يكون على حساب دماء عسكرييه، وأنه أبلغ من يعنيهم الأمر أنه ليس في وارد التصعيد مع عرسال. وتوضح المعلومات أن تعاطي قيادة الجيش اللبناني بـ«واقعية» مع اشتباك «جرد الرعيان»، والأجواء الإيجابية التي صدرت من الجيش تجاه عرسال كبلدة وسكان، سمحت لمرجعيات سياسية بالدخول على الخط لإنتاج التسوية التي تتحدث عن:
1 ــ تشكيل لجنة تحقيق مستقلة تكشف حقيقة ما جرى وتحديد المسؤوليات.
2 ــ يلتزم أهالي عرسال بنتائج ما تتوصل إليه لجنة التحقيق.
3 ــ يرفع أهل عرسال الغطاء عن كل متهم ويلتزمون بتسليمه للجهات القضائية المختصة.
هذه «المسودة» التي قد يحملها وفد من كتلة نواب المستقبل الى قائد الجيش العماد جان قهوجي، ستتبع بتعهد يقدم للجيش اللبناني أيضاً يقضي بالتزام رئيس بلدية عرسال علي الحجيري بالتوجه الى مديرية مخابرات الجيش اللبناني والاستماع الى إفادته. ويكشف قادة في «المستقبل» لـ«الأخبار» أن تسوية «تطبخ» أيضاً حول قضية رئيس البلدية تحافظ على ماء وجه الطرفين (الحجيري والجيش)، لافتين الى أن الحجيري «سيذهب الى الجيش اللبناني ولا مشكلة في ذلك». ويؤكد هؤلاء أن الهدوء بين عرسال والجيش اللبناني من مصلحة الطرفين، وأن تيارهم دخل على خط إنتاج «تسوية» بعدما هدأت النفوس ولمنع العابثين بالأمن من استهداف الجيش و«ليس صحيحاً أننا تخلّينا عن عرسال»!
وتردد خلال اليومين الماضيين أن الجيش أزال اسم رئيس بلدية عرسال علي الحجيري من وثيقة تضم أسماء أشخاص عُمّمت على الحواجز والقطعات العسكرية من أجل توقيفهم. لكن مصادر عسكرية نفت لـ«الأخبار» وجود وثيقة ليُزال اسم منها. وعلمت «الأخبار» أن الشرطة العسكرية أنجزت ملفاً بشأن ما جرى في عرسال، وهي ستحيله على القضاء العسكري من أجل الادّعاء على المشتبه فيهم الذين سيزيد عددهم على 30 مطلوباً.
وكان وفد من كتلة نواب المستقبل قد زار عرسال، أمس، والتقى في بلديتها على مدى ساعتين أعضاء المجلس البلدي ومخاتير البلدة وفاعلياتها. وقال النائب عاطف مجدلاني: «جئنا نقول لأهل عرسال لا يمكن الاستمرار في هذا الانقطاع بين الدولة وأهالي عرسال». وأضاف: «نحن في صدد إيجاد حل لهذا الإشكال. أهالي البلدة يعلنون أنهم تحت القانون وأنهم والجيش واحد، ولا أحد يستطيع أن يفصل عرسال عن الجيش»، مؤكداً أن «عرسال مع الجيش ومع الدولة ومع المؤسسات، وهي تريد تحقيقاً شفافاً وعادلاً لأن الكل يريد أن تظهر الحقيقة للاقتصاص من المجرمين». وأعلن وجود «مبادرة سأتركها الى حين لقائنا مع قائد الجيش».

السابق
سلاح حزب الله علاجه في إيران
التالي
لا قرار أوروبي بإدراج حزب الله على لائحة الإرهاب