ردود على زيارة الراعي لتنصيب اليازجي بطريرك انطاكيا في دمشق

بشارة الراعي

إنقسم الرأي العام المسيحي بين فئة وضعت الزيارة في الإطار الديني، وبين فئة أخرى عارضتها من الزاوية المبدئية، وبين فئة ثالثة فضّلت غَضّ النظر على الدخول في أيّ سجال مع بكركي عشيّة انتخابات نيابية ووجود شرائح مسيحية لديها حساسية حيال أيّ مساس بهذه المرجعية. وفي المحصلة فإنّ انتقاد الزيارة يصبّ في مصلحة المسيحيين تجنّباً لتحويل السجال إلى مسيحي-إسلامي. ومن هنا ضرورة خلق بيئة مسيحية وازنة مهمتها التعبير عن قناعات أصحابها من دون محاباة ومراعاة، فضلاً عن أنّ اجتماع المسيحيين تحت سقف واحد وعناوين مشتركة أعاد إحياء العصبية المسيحية على حساب العصبية الوطنية، ما يشكّل خطراً على دور المسيحيين الوطني.

رأت "النهار" أن الزيارة الراعوية "التاريخية" التي قام بها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لسوريا حيث شارك في دمشق باحتفال تنصيب البطريرك الجديد للروم الارثوذكس يوحنا العاشر، وأقام قداس عيد مار مارون في المطرانية المارونية بحي باب توما الدمشقي مرّت بهدوء.

رأت "السفير" انه رغم الطابع الكنسي والديني المعلن لزيارة الراعي الى دمشق، إلا أن دلالاتها السياسية كانت واضحة، سواء في توقيتها المتزامن مع احتدام المواجهة في سوريا وصولاً الى تخوم العاصمة، أو في المواقف التي أطلقها الراعي وبلغت حد التأكيد أن الإصلاحات وحقوق الإنسان لا تساوي نقطة دم تسيل من مواطن بريء، أو في مواكبة النظام قلباً وقالباً للضيف الاستثنائي من الحدود الى العاصمة السورية.
وقالت "السفير" انه بمعزل عن التأويلات والاجتهادات في قراءة الزيارة، إلا أنه يسجل للبطريرك الراعي شجاعته، ليس فقط في تجاوز الحدود الجغرافية بين لبنان وسوريا، وإنما أيضاً في كسر الحدود النفسية التي كانت تفصل البطريركية المارونية عن دمشق، في إشارة بليغة الى رغبة الكنيسة في تنقية الذاكرة وتجديد التواصل مع المسيحيين السوريين، وإعادة ترتيب الأولويات على قاعدة أن الهمّ الاساسي في هذه المرحلة هو لحماية المسيحيين في لبنان وسوريا والمنطقة من خطر المد التكفيري، من دون التأثر بأصوات الاعتراض والاحتجاج التي انطلقت من بعض حناجر شخصيات فريق "14 آذار".

هذا واعتبر نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، بعد مصافحة الراعي والاختلاء به وقوفاً لبعض الوقت، "أنّ الراعي صحّح ما كان قائماً خطأً طوال العقود الماضية"، وأضاف: "إنّ سوريا ولبنان شعب واحد"، وإنّ الراعي "موجود في أرضه، ونحن نرحّب به في بلده وبين أهله ونرحّب بما يمثله من قيم وإرث وتاريخ وحضارة ". وأشار المقداد لـ"الأخبار" إلى أن "البطريرك الراعي قدم إلى بلده وشعبه وكنيسته في سوريا"، رافضاً الإجابة عن سؤال حول أي مقابلات رسمية قد يعقدها البطريرك الماروني في سوريا، "لن نتحدث عن هذه الجوانب، إذ إن المناسبة هي حفل التنصيب". وحين يصر السائل على سؤاله، يقول المقداد "لا أعرف معلومات عن أي مقابلات رسمية".
أمّا الراعي الذي أعلن "التضامن مع الشعب السوري المجروح"، فقال "إنّ كلّ دم بريء يسقط على هذه الأرض الطيّبة هو دمعة في عيون المسيح"، معتبراً أنّ "كلّ ما يقال ويطلب من أجل إصلاحات وحقوق انسان وديموقراطيات لا يساوي دم إنسان بريء".

السابق
البطريرك القوي.. في قلب النظام الضعيف
التالي
انتشار ظاهرة التحرش في مصر غاياته سياسية !