خامنئي يرفض عرضا أميركيا لحوار مباشر وواشنطن تسعى لمزيد من العزلة

رفض المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أمس عرض الولايات المتحدة فتح محادثات ثنائية مباشرة حول البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل، (تقدم به نائب الرئيس الأميركي جو بايدن)، مستبعدا إجراء مثل هذه المحادثات في الوقت الذي تواصل فيه واشنطن تشديد عقوباتها على بلاده.
وأعلنت الولايات المتحدة أول من أمس تشديد عقوباتها على طهران، مستهدفة عائدات النفط، كما فرضت قيودا على هيئات إعلامية إيرانية وعلى الشرطة الإلكترونية الإيرانية لاتهامها بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في قضايا تتعلق بالرقابة، وذلك بعد أيام قليلة من عرض بايدن، خلال قمة الأمن في ميونيخ بداية الأسبوع، الذي اقترح فيه إجراء حوار ثنائي مباشر، بشرط أن «تكون القيادة الإيرانية والمرشد الأعلى جادين».

وقال خامنئي، وهو صاحب القرار الفصل في جميع القضايا الرئيسية في إيران بما في ذلك النشاطات النووية الحساسة والسياسة الخارجية، إن إيران «لن تقبل بالتفاوض مع من يهددها بالضغط» في إشارة إلى قائمة العقوبات التي تبنتها واشنطن. وتساءل: «هل فرض العقوبات التي تصفونها بأنها تشل البلاد يظهر حسن نوايا أم عدائية؟»، وأضاف أن «عرض إجراء محادثات لا يكون له معنى إلا عندما يظهر الطرف الآخر حسن النية.. فالمفاوضات تكتسب معناها الحقيقي متى ما تمت في ظروف متكافئة ومقترنة بنوايا حسنة وعدم خداع كل من الطرفين الطرف الآخر»، وقال المرشد الإيراني إن «التفاوض يرتكز على حسن النية، بينما التصرفات الأميركية وسياساتها تظهر بوضوح سوء نواياها». وقال خامنئي في كلمة خلال استقباله أمس لفيفا من قادة ومنتسبي القوة الجوية للجيش: «أنا رجل ثوري ولست دبلوماسيا وأقول كلمتي بصراحة وصدق وحزم: إن الضغوط والعملية التفاوضية لا تجتمعان معا ولا بد لكم (أميركا) من إبداء حسن النية»، مضيفا أن «التفاوض المقترن بالضغوط يعني أنهم يشهرون سلاحهم بوجه الشعب الإيراني ويقولون له: إما أن تتفاوض أو نطلق عليك النار. لكن عليهم أن يدركوا أن الشعب الإيراني لا يهاب تهديداتهم».

وأشار المرشد الإيراني إلى أن «البعض يسر بهذا العرض التفاوضي.. لكن المفاوضات لن تحل شيئا»، مضيفا أنه سيتم التعامل مع الإيرانيين الذين يفضلون المخاطرة بـ«هيمنة أميركا» من خلال التفاوض مع واشنطن، معتبرا أن أميركا تحاول استخدام إيران عبر جرها للمفاوضات على أنها ورقة رابحة لتعويض هزائمها السياسية في المنطقة.

ويأتي موقف خامنئي متعارضا مع موقف وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي الذي صرح الاثنين أنه يرى مؤشرات على أن الولايات المتحدة تعيد التفكير في مقاربتها للمسألة الإيرانية.

وقال خامنئي إن «المسؤولين الأميركيين الجدد يعاودون طرح قضية المفاوضات ويقولون إن الكرة في ملعب إيران؛ بل الكرة الآن في ملعبكم، وعليكم أن تقولوا ماذا تعني الدعوة لمفاوضات مقترنة بتهديدات وضغوط ومن دون إبداء أي نوايا حسنة؟».

وأشار خامنئي إلى فشل السياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط، قائلا: «فشل سياسات الإدارة الأميركية‌ في الشرق الأوسط هو الذي دفعهم إلى التأكيد على إجراء المفاوضات. إن أميركا تحاول استخدام إيران عبر جرها للمفاوضات على أنها ورقة رابحة لتعويض هزائمها السياسية في المنطقة ولتصور للعالم أن لديها نوايا حسنة».

واستعرض القائد عددا من السياسات الأميركية بوصفها نموذجا على ذلك؛ وفي مقدمتها تقديم الدعم للفتنة ومثيريها داخل إيران خلال الانتخابات الرئاسية لإيران عام 2009، و«جحفلة الجيوش إلى أفغانستان بذريعة مكافحة الإرهاب، ثم التعاطي والتعاون مع الإرهابيين أنفسهم ضد سوريا وإيران، ودعم عملاء الصهاينة في اغتيال العلماء الإيرانيين، وتنفيذ حظر حسب قولهم يشل الاقتصاد ضد الشعب الإيراني»، واعتبرها نماذج «تظهر بوضوح سوء نوايا الأميركيين».

إلى ذلك، قالت الخارجية الأميركية إنها تبذل كل ما تستطيع لعزل إيران ورئيسها، عالميا، بوصفه جزءا من العقوبات والمقاطعات الأميركية والدولية ضد إيران.

وقالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية: «يوجد كثير من الدول التي أوقفت شراء النفط الإيراني، والتجارة مع إيران.. وترفض البنوك القيام بالأعمال التجارية مع إيران نتيجة لتزايد تلك الضغوط»، وتابعت «..وهناك ضغوط مجلس الأمن، والضغوط الثنائية، والعقوبات الأميركية».

وفي ما يتعلق بالجهود الدبلوماسية التي يبذلها الإيرانيون، وحضورهم للمؤتمرات الإقليمية، والدولية، قالت نولاند: «نحن نتطلع إلى أن تكون للرئيس (المصري محمد) مرسي، وأي شخص آخر لديه فرصة لرؤية أحمدي نجاد، بادرة لتأكيد موقفنا، مع اقتراب مؤتمر الماتي (في كازاخستان)»، إشارة إلى استئناف المفاوضات بين إيران والدول الخمس الأعضاء في مجلس الأمن، إضافة إلى ألمانيا، التي حدد لها نهاية الشهر الحالي.

وأشارت إلى الاتصالات التركية والمصرية مع إيران، وقالت إن الحكومة الأميركية تعرف أن بعض هذه الاتصالات تنقل للإيرانيين الرأي الأميركي. وكانت الخارجية الأميركية حاولت في الصيف الماضي عرقلة قمة دول عدم الانحياز التي عقدت في إيران في ذلك الوقت. ودعت دولا كثيرة إلى أن لا تذهب إلى إيران، وأيضا، ضغطت على بان كي مون، الأمين العام للأمم المتحدة، لئلا يذهب، لكنه ذهب.

وأصدرت منظمات أميركية تؤيد إسرائيل بيانات أدانت زيارة أحمدي نجاد إلى القاهرة، وقالت إنها أول زيارة لرئيس إيراني لمصر منذ ثورة 1979 الإيرانية. وانتقدت البيانات دور الرئيس مرسي، وقالت إنها تشك في التزام مرسي باتفاقية السلام مع إسرائيل، وذلك بسبب تصريحات أحمدي نجاد المعادية لإسرائيل.

وفي هذا السياق، قالت وسائل إعلام إيرانية أمس إن إيران والسنغال استأنفتا علاقاتهما الدبلوماسية التي قطعتها دكار في فبراير (شباط) 2011 بعد اتهامها طهران بتزويد متمردي كازامانس بالأسلحة، على ما أفادت أمس وكالة الأنباء الطلابية استنادا إلى بيان رسمي.

وأوضحت الوكالة أن وزيري خارجية البلدين «وقعا وثيقة استئناف العلاقات السياسية بين إيران والسنغال» مساء أول من أمس على هامش قمة منظمة التعاون الإسلامي المنعقدة في القاهرة. وأفاد البيان أن الرئيسين الإيراني محمود أحمدي نجاد والسنغالي ماكي سال «قررا (خلال لقاء) إعادة فتح سفارتي البلدين اعتبارا من الأربعاء». وقطعت السنغال علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في 23 فبراير 2011 بعدما اتهمتها بتزويد حركة القوات الديمقراطية في كازامانس بالأسلحة عبر غامبيا. وقالت السنغال إن المتمردين استخدموا تلك الأسلحة وقتلوا 16 جنديا سنغاليا في نهايات ديسمبر (كانون الأول) 2010. وقال وزارة الخارجية السنغالية حينها إن «السنغال تستنكر استخدام رصاص إيران في قتل جنود سنغاليين». وبعد ذلك قالت دكار إن وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي «أقر» خلال اللقاء مع الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد في 19 يناير (كانون الثاني) 2011 في دكار بأن «إيران سلمت مرارا شحنات أسلحة إلى غامبيا» التي نقلتها بدورها إلى متمردي كازامانس جنوب السنغال. لكن غامبيا نفت بشدة أن تكون تسلمت تلك الشحنة وقطعت علاقاتها مع إيران في 22 ديسمبر 2010.
  

السابق
افكار جديدة لحل الأزمة السورية تعتمد وقف العنف والحوار
التالي
تظاهرة نسائية في البحرين تؤكد استمرار المرأة في حراكها السياسي