حزب الله ينجو من مخطط العميل خليل

بدا واضحاً من حجم الأرقام المتداولة عن عملاء إسرائيل في لبنان، أنّ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية تعمل بنشاط لا سابق له منذ سنوات طويلة، أما نوعية العملاء فتدلّ على شيء آخر.

فإسرائيل تختار العملاء من طوائف ومذاهب ومناطق واهتمامات سياسية مختلفة، بغض النظر عن اقتراب هؤلاء من هدفها الأساسي، أي "حزب الله" أو ابتعادهم عنه.

وقد وصلت بها الأمور إلى حدّ اختراق معظم المؤسسات الأمنية اللبنانية من جيش وقوى أمن داخلي وأمن عام عبر مجموعة من العملاء، إضافة إلى اختراق معظم التيارات السياسية العاملة في لبنان، ومن ضمنها الحزب الذي تم ضبط مقربين منه. وتدل اعترافات الموقوفين، أيضاً، على أن الإسرائيلي يتعامل مع هذا الملف وفق سياسة تقضي بتجنيد ما أمكن من العملاء كلما وجد إلى ذلك سبيلاً.

طلال محمد خليل هو العميل الأخير الذي تسلمته مخابرات الجيش اللبناني من "جهاز أمن المقاومة" بعدما أوقفه بتاريخ 25/11/2012 بجرم التعامل مع العدو الإسرائيلي.

وخلال التحقيق معه، تَبيّن أنّه تقاضى خلال فترة تعامله مع العدو الإسرائيلي نحو 123.000 دولار، في مقابل جمع معلومات وتفاصيل دقيقة عن بعض الأبنية في الضاحية الجنوبيّة، فضلاً عن الطلب منه تنفيذ مسح شامل لمنطقة الأوزاعي في الضاحية الجنوبيّة وتقديم معلومات عن الطيار الإسرائيلي رون اراد.

العميل خليل، لبناني، مواليد 1951، سجل 156/الغبيري- بعبدا، والدته فاطمة خليل، وقد كُلّف أيضاً بتحديد موقع وإحداثيات منزل الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصر اللّه ومراقبة محيط إقامته، إضافة الى الأمانة العامة فضلاً عن سعيه إلى تحديد إحداثيات على الخرائط الجوية لمراكز عائدة للحزب وأماكن سكن بعض مسؤوليه.

كما أوكل الى خليل مهمة التقصّي عن شركة اتصالات "Telecom" لجهة طبيعة عملها في لبنان والخارج وتحديد مالكيها وإحصاء موظفيها، وجمع معلومات عن عدد من الشركات التي تعنى ببيع أجهزة الاتصالات السلكية واللاسلكية. فضلاً عن سعيه إلى رصد حركة الإبحار والنشاطات في مرفأ الأوزاعي، وتقديم معلومات عن شركة "وعد" المكلفة بإعادة إعمار ما تهدم خلال عدوان تموز 2006.

وإذا عدنا الى بداية عمالته، يتبيّن لنا أن خليل سافر خلال العام 1989 الى بلغاريا، بهدف الدراسة، وقد تزوج في العام 1990 من امرأة بلغارية وافتتحا سوياً مطعماً بالقرب من إحدى الثكنات العسكرية.

طبيعة عمله هذا أفسحت له في المجال للتعرّف الى كثير من الضباط البلغار، ولعلّ أبرزهم كان يدعى "بتروف" الذي عرّفه بدوره على الضابط ديمتري ديمتروف (يهودي) وتبادلا أرقام الهواتف وتوطدت العلاقة بينهما، حتى دعاه الى السفارة الإسرائيلية في العام 2001، وعرفّه هناك على الضابط "سامي" الذي جنده للعمل الأمني في لبنان لصالح جهاز الموساد.

وتحقيقاً لهذا الهدف، اصبح خليل يتردد الى وطنه الأم لبنان، لتنفيذ المهمات الأمنية الموكلة إليه، بعد أن استأجر شقة سكنيّة في الضاحية الجنوبية، وتحديداً في مجمع فلوريدا الأوزاعي.

خلال فترة تعامله، التقى عدداً من ضباط الموساد في بلغاريا منهم (بتروف، ديمتري، سامي، ريمون، آدم) الذين كلفوه بمهمات عدة. وخلال تلك اللقاءات، خضع لتدريب على قراءة الخرائط الجوية،

واستخدام الحاسوب وأجهزة الاتصال، وتسلم لهذه الغاية جهازي حاسوب، احدهما يحتوي خرائط جوية للمناطق اللبنانية لا سيما بيروت والضاحية الجنوبية، والثاني يحتوي مخبأً سرياً بداخله جهاز إرسال، إضافة الى استلامه لوحة خشبية (تستخدم لقطع اللحوم) بداخلها جهاز ضِمن مخبأ سرّي.

وبعد كشف مخابرات الجيش اللبناني عن العديد من شبكات التجسّس، خاف العميل خليل على وضعه الحرج، فأتلف الأجهزة المسلّمة إليه، ويكون بذلك فقد تواصله مع مشغّليه نهاية العام 2011.  

السابق
فياض: الأرثوذكسي تطييف ضد الطائفية
التالي
تفشّي ظاهرة سرقة الأسلحة في عين الحلوة