إسرائيل تختبر حزب الله

تزايدت المخاوف في لبنان في الآونة الأخيرة بعد الغارة الإسرائيلية التي قيل انها استهدفت قافلة محملة بالصواريخ كانت في طريقها من سوريا الى "حزب الله"، من أن يكون ما حدث مقدمة لمرحلة جديدة من التوتر على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، وخصوصاً اذا قرر "حزب الله" أو سوريا الرد على الهجوم بأي شكل من الأشكال، وتطور ذلك الى مواجهة عسكرية واسعة النطاق يكون لبنان مرة أخرى مسرحها.
في ظل الظروف الحالية، يمكن ادراج الغارة ضمن سياسة الخطوط الحمر التي وضعتها إسرائيل لمنع انتقال السلاح المتطور من سوريا الى "حزب الله"، وكذلك ضمن اطار تحسين القدرة على الردع المسبق، أكثر مما هي مؤشر لنهاية الهدوء الذي ساد الحدود مع لبنان منذ وقف الاعمال العدائية في آب 2006. فقد رغبت إسرائيل في توجيه رسالة إلى كل من "حزب الله" وسوريا وإيران في وقت واحد مفادها انها لن تقف مكتوفة في حال حصول تطورات دراماتيكية في سوريا قد تؤدي الى انهيار النظام السوري، وانها مستعدة للتدخل لحماية مصالحها وفي الدرجة الأولى منع حصول "حزب الله" على سلاح متطور "يكسر التوازن" القائم اليوم.
وما يمكن استنتاجه اليوم أن إسرائيل ليست في وارد زيادة التوتر مع "حزب الله" في لبنان، وهي ليست معنية بتسخين الحدود في ظل ما يحدث في سوريا، اذ ثمة اجماع اسرائيلي على أن الصراع الدموي الدائر في سوريا يصب في نهاية الامر في مصلحة اسرائيل لأنه في كل الاحوال يضعف النظام الحالي في سوريا وينعكس سلباً على وضع "حزب الله" ويوجه ضربة موجعة الى إيران في وقت واحد.
ومع ذلك، لا يمكن تجاهل حقيقة كون الغارة بمثابة خروج لإسرائيل من حربها السرية الدائرة منذ انتهاء حرب تموز 2006 على "حزب الله" الى المواجهة العلنية، وانها تشكل تحدياً واستفزازاً واضحين للحزب وزعامته، واختباراً حقيقياً لقدرة الحزب على ضبط النفس في مواجهة الوضع الجديد. ومن هذا المنظور قد تكون الغارة امتحاناً لطريقة تصرف الحزب، فهل يتصرف كميليشيا مسلحة ويسعى الى الرد على ما حدث معرضاً لبنان كله للخطر الشديد، ام يتصرف من منطلق مسؤوليته شريكاً في الدولة اللبنانية، ويضع مصالحها العامة قبل مصلحته كحزب.
صحيح أن إسرائيل قد تكون غير معنية بمواجهة مسلحة مع "حزب الله" في الوقت الحاضر، لكن تجارب الماضي علمتنا ألا نستبعد شيئاً، ولا سيما في ظل الاستعدادات الوقائية التي تقوم بها منذ فترة.  

السابق
الفجور في مشهدين
التالي
لبنان في عين العاصفة وحزب الله أول الضحايا