وَيْكَ نبيه أقدِم…

تخبرنا الأيام والأحداث الخطيرة التي مرّ بها لبنان، ولا يزال يمرّ، وقد يمرُّ لاحقاً أنّ الرئيس نبيه برّي كثيراً ما فاجأ المختلفين والمتخاصمين والقلقين بـ"أرنب" كان في أحد جيوبه… وبرفقته الحلّ الذي يبحث عنه المستفتون والباحثون والحائرون.
لمجرّد أن يصوم رئيس المجلس عن الكلام، ويحتجب عن الأضواء قليلاً أو كثيراً، وخصوصاً في خضمّ الأزمات الوالعات والاستحقاقات الدستوريّة، من نيابيّة وسواها، تبدأ الاستطلاعات والاستفهامات بالتوجّه صوب عين التينة والرجل الذي نادراً ما راهن، ولا انحاز بسفور فاقع، ولا غادر منزلة الوسط بين قوى غارقة في التطرّف والتحدّي إلى ما فوق القامة والرأس.
بقي نبيه برّي محافظاً على شعرة أين منها شعرة معاوية، حتى في أحلك الظروف، وأكثر الأزمات تعقيداً. وبقي مقرّه مقصد الجميع، الذين ضدّه في المنقلب الآخر من آذار قبل المحسوبين عليه والمحسوب عليهم.
وظلّ ذلك المنحاز إلى مصلحة لبنان ووحدة اللبنانيّين والصيغة والنموذج، وحتى التبولة والكبّة النيّة، في أدق المراحل وأخطرها، كما في الحروب والاستراحات التي كثيراً ما أسفرت عن تعقيدات جديدة أشدّ وأدهى.
في هذه المرحلة، في هذه الأيام، في هذه الساعات التي تشتدّ عواصف الربيع الخريفي في مصر والعراق وسوريا وتونس بصورة خاصة، ينتظر اللبنانيّون، سياسيّون وعاديّون، مقيمون ومغتربون، مفاجأة ما، من لدن مَنْ قيل فيه إنه داهية عين التينة.
فماذا عند الرئيس النبيه الذي يدرك قبل الآخرين أن الأزمات اللبنانيّة نادراً ما كانت لخلافات من أجل محاصيل مواسم الزيتون والعنب والتين، أو في سبيل مختار أو ناطور، أو كُرمى لعين مؤيّد لهذا ضد مؤيّد لذاك، إنما هي نتاج التداخل والتشابك السياسي والطوائفي بين بعض اللبنانيّين وبعض الخارج.
في هذه الحال، وفي ضوء هذه الوقائع الصريحة، أيّ مصير ينتظر الاستحقاق النيابي الذي لا تفصلنا عن موعده سوى حفنة من الأشهر، وانطلاقاً من اقتناع معظم اللبنانيّين بوجوب إجراء هذه الانتخابات أيّاً تكن الأجواء و… العقبات؟
من تحصيل الحاصل أن السائلين إنما يتوجّهون بأسئلتهم القلقة إلى جامع الأضداد وحامل النار والماء في يد واحدة.
في رأي برّي أن تأجيل الانتخابات هو من أخطر ما يمكن أن يتعرّض له لبنان في هذه الحقبة الإقليميّة التي تحمل صفة "حقبة الأعاصير السياسيّة".
وماذا عن الاحتمالات، والحلول، والإيجابيّات؟
المطلوب تآزر العقلاء والغيارى، مع الوسطيّين، و"بذل أقصى الجهود للتوافق على قانون انتخاب في أسرع وقت".
أما إذا سلك لبنان طريق التأجيل، "فنكون قد رفعنا آخر ورقة من المظاهر الديموقراطيّة التي نتغنّى بها".
تفادياً للخطر والأخطر، وَيْكَ نبيه أقدِمِ…

السابق
إلى متى اللهو في الوقت الضائع؟
التالي
ماذا بعد الاتهام البلغاري للحزب؟