أطفـال فـي سـجون الإخــوان!

محمود عادل محمد، طفل مصري في الثالثة عشرة من عمره، مريض بسرطان العظم، يتلقى العلاج الكيميائي، وبالكاد يستطيع المشي.
محمود ليس نزيلاً في أحد المستشفيات المختصة بعلاج الأطفال، وليس محاطاً بالرعاية الطبية التي يحتاجها. محمود محتجز الآن في قسم برج العرب، في مدينة الإسكندرية، بتهمة «قطع الطريق بجوار مديرية الأمن في حي سموحة، والتعدي على قوات الأمن، وإحداث إصابات بهم، والتسبب بتلفيات في آليات الشرطة، والاعتداء على منشأة عامة، وترويع المواطنين، واستخدام السلاح».
وبسبب احتجازه، لا يستطيع محمود تلقي جلسات العلاج الكيميائي والجرعات المقررة له، وهو ما يهدد حياته بالخطر، بحسب ما أكدت الناشطة في مجموعة «لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين»، سارة الشريف لـ«السفير».
وفي محاولة لإنقاذ حياة الطفل، تقدم «الائتلاف المصري لحقوق الطفل» بشكوى ضد النيابة العامة في الإسكندرية أمام التفتيش القضائي تتهمها فيها بعدم تنفيذ القانون في واقعة احتجاز محمود وطفل آخر منذ 27 كانون الثاني الماضي.
كما تقدم الائتلاف ببلاغ عاجل إلى النائب العام لمطالبته بسرعة الإفراج عن الطفلين المتهمين، وبلاغ آخر للمحامي العام في الإسكندرية لإقرار حق الطفل محمود في تلقي العلاج.
محمود ليس الطفل الوحيد المحتجز من دون وجه حق، وبما يخالف كل القوانين والأعراف، فوفقا لتقارير الائتلاف، فقد تم إلقاء القبض على 91 طفلاً منذ 25 كانون الثاني الماضي، أثناء التظاهرات والاشتباكات التي شهدتها مختلف المدن المصرية في الذكرى الثانية للثورة.
ويعتبر احتجاز الأطفال احتياطياً مخالفة صريحة للمادة 119 من قانون الطفل المصري الذي ينص على أنه «لا يحبس احتياطيا الطفل الذي لم يتجاوز 15 عاما»، حسبما تؤكد الشريف.
ولا تعتبر هذه المخالفة الوحيدة لقانون الطفل، فالقانون يحظر كذلك احتجاز الأطفال مع بالغين في كل مراحل التحقيقات، وهو ما لم يحدث في حالة الأطفال المحتجزين، الأمر الذي سيعرضهم لأخطار أخرى، بسبب وجودهم مع محتجزين أكبر سناً.
«الأطفال يعانون من المعاملة السيئة، ويمنعون من الذهاب إلى دورات المياه لساعات طويلة، بل ان بعضهم تم الاعتداء عليه بالضرب المبرح»، تقول الشريف، موضحة أن «التعامل مع الأطفال يتم بحسب وكيل النيابة أو القاضي الذي يعرضون عليه، وليس طبقاً لما ينص عليه القانون».
وفي تشرين الثاني الماضي، أصدرت منظمة «هيومن رايتس ووتش» تقريراً رصدت فيه احتجاز أكثر من 300 طفل خلال الاحتجاجات التي جرت في القاهرة وحدها على مدار عام.
ووجدت المنظمة أدلة بينة على أن ضباطاً في الشرطة والجيش ضربوا الكثير من الأطفال وعاملوهم في بعض الحالات معاملة ترقى إلى مستوى التعذيب.
وقال بعض الأطفال المفرج عنهم لـ«هيومن رايتس ووتش» إن ضباط الشرطة والجيش ركلوهم وضربوهم بكعوب البنادق وبالعصيّ، وصعقوهم بالكهرباء.
المنظمة الدولية قالت في تقرير إن حكومة الرئيس محمد مرسي وعدت بإنهاء الممارسات ضد الأطفال، معتبرةً أنه إذا كانت «الحكومة ترغب في قطيعة حقيقية مع الماضي فعليها أن تجعل أولويتها القصوى التحقيق في انتهاكات حقوق الأطفال على أيدي ضباط الأجهزة الأمنية وملاحقة المسؤولين جنائياً».
ولكن، بعد مرور ستة أشهر على حكم مرسي، لم يتغير شيء، وما زال الأطفال ضيوفاً على الأقسام والسجون المصرية.
«الائتلاف المصري لحقوق الطفل» انتقد، في بيان، الزج بالأطفال في كل أحداث العنف التي حدثت منذ الثورة، واعتبره «محاولة لتحميلهم المسؤولية الكاملة عن عجز الدولة ومؤسساتها في الكشف عن الجناة الحقيقيين وراء كل الأحداث بدءاً من أحداث المجمع العلمي ووزارة الداخلية ومجلس الشعب وشارع محمد محمود، وحتى الأحداث الأخيرة».
ما زال محمود محتجزاً، وحالته تتدهور يوماً بعد يوم، وقد يفقد حياته، فقط لأن أجهزة حكم «الإخوان» تعتبره وغيره من الأطفال المحتجزين «خطراً على النظام»!

السابق
موكب كونيلي يستبيح آثار صور
التالي
تل أبيب.. لا ترى مفراً من حرب في لبنان هذه السنة