العصب العرسالي يشتدّ: مؤامرة حزب الله

يبدو العراسلة مقتنعين بأن ما جرى يوم الجمعة الماضي على أرض بلدتهم كان مقرراً لجرّهم إلى «مشكل» مع الجيش اللبناني، أو جرّ الأخير إلى كمين وقع فيه. فبعدما انقسمت البلدة يوم الجمعة بين متحفظ على استهداف الجيش ومبرر وداعم ومقتنع بـ«مؤامرة» منظمة، أصبح من المستحيل بعد ارتدادات الاشتباك، سياسياً وأمنياً وإعلامياً، إقناع عرسالي واحد بأن ما جرى لم يكن مخططاً له. العراسلة، من يسار ويمين ووسط وإسلاميين معتدلين ومتشددين ومستقلين عن 8 و14 آذار، يجمعون على رفض «استهدافنا وإلصاق تهمة الاستقلال عن الدولة ومؤسساتها بنا»، مطالبين بالكشف عن خلاصة تحقيق أمني واستخباري أجراه الجيش عن مقتلة يوم الجمعة.

في البلدة البقاعية، يجري تناقل صور التقطتها هواتف خلوية، «تؤكد وجود 5 جثث نقلت من جرد البلدة الى مبنى البلدية. والجيش شيّع ضابطاً ورتيباً، ولم يكشف عن هوية الثلاثة الآخرين الذين كانوا بلباس مدني ولا يحملون أوراقاً ثبوتية»، بحسب الرواية المتداولة بين أهالي عرسال. وهذه الصور أصبحت «الدليل» على صحة استنتاجاتهم من أن طرفاً ثالثاً جرّ بلدتهم والجيش إلى مقتلة جرد الرعيان. لكن هذه الصور (ثابتة وليست فيديو) التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، تُظهر وجود جنود مصابين داخل شاحنة للجيش، من دون أن تسمح بتحديد الجرحى من أولئك الذين فارقوا الحياة، بخلاف تلك الصور التي عرضتها قناة «أل بي سي آي» أمس، والتي تظهر صور جرحى الجيش وشهيديه في مبنى بلدية عرسال.

في رأي العراسلة، «حزب الله» متورّط ونقطة على السطر. يقول أحد وجهاء البلدة لـ«الأخبار» إن قطع الطرق في منطقة بعلبك ـــ الهرمل «ما كان ليتم إلا بدعم من حزب الله». ويضيف أن أهالي بلدته يؤكدون وجود 5 جثث، «ثلاثة منهم من حزب الله، ولم تكن معهم أوراق ثبوتية»، موضحاً أن الجيش نعى ضابطاً ورتيباً، و«حزب الله شيّع أحد عناصره في عربصاليم قائلاً إنه سقط خلال تأدية واجبه الجهادي». ويسأل الرجل محتداً: «لماذا فقط في مناطق حزب الله قطعت الطرقات ووجهوا الكلام اللاذع لنا واتهمونا بأننا وحوش وقتلة؟».

إجماع العراسلة على وحدة الصف للرد على سمّوه «مؤامرة» تحويل بلدتهم الى نهر بارد جديد، أسهم في ترسيخه ما جرى خارج البلدة من تطورات ميدانية وإعلامية وسياسية. ففي اجتماع لفعاليات البلدة، خلص المجتمعون إلى أن عرسال أصبحت وحيدة اليوم، وأن الجميع تخلى عنها، ومن حق 35 ألف مواطن رص الصفوف وإدارة معركة سياسية وقضائية وإعلامية والرد على 8 آذار تحديداً، وبعض أطراف 14 آذار الذين تجاهلوا صرخة الأهالي ومطالبتهم بفتح تحقيق شفاف يجريه الجيش، رافضين وصف بلدتهم بأنها «إمارة إسلامية» أو «جمهورية غير خاضعة لسلطة الدولة اللبنانية».

عرسال التي يضرب الجيش حولها طوقاً عسكرياً وأمنياً منذ ثلاثة أيام، تشعر أن الجميع تخلى عنها، وأن بيانات قادة من فريق 14 آذار وبعض نوابها وحركاتها الحزبية، ليست إلا لرفع العتب. ويتحدث الأهالي عن «غصة» بعدما أصبحوا عرضة للتشهير والتجريح ونعتهم بأوصاف غير إنسانية. ويقول أحد مخاتير البلدة: «نطالب بتحقيق دقيق وليس عشوائياً، ونرفض أن تنتهي ببوسة ذقن»!

أحد قادة تيار المستقبل في البلدة يقول إن «عرسال تدعم الجيش، لكن نرفض أن يظلمنا». ويضيف أنه إثر الاشتباك، «أبلغنا الجيش وقوفنا إلى جانبه ورفض عرسال المس به. والاتصالات السياسية في البلدة أنتجت هدوءاً وأدت إلى ضبط الوضع». ويتابع الرجل الذي يتواصل مع النائبة بهية الحريري للحدّ من التوتر، أن الاتصالات السياسية والأمنية «أسهمت في توفير دعم عرسالي للجيش رغم حصاره المشدد علينا»، مطالباً بالإسراع في كشف ما توصل إليه التحقيق «لوضع الأمور في نصابها والحد من استهداف عرسال». إجراءات الجيش أدت الى توقيف 4 مواطنين بينهم إمام مسجد لم يمتثلوا لأوامر عناصر أحد الحواجز. وقالت مصادر أمنية لـ«الأخبار» إن توقيف الأربعة لا علاقة له بالاشتباك، موضحة أن استخبارات الجيش أنهت «تحرياتها» الأمنية وفي حوزتها أسماء جميع المتورطين، مؤكدة أن عمليات الدهم والمطاردات تجري بسرية تامة.

السابق
الاخبار: اقتراح الحريري السري إلى المجلس اليوم
التالي
الرئيس والمخابرات