المستقبل: حادث دموي مؤسف في عرسال والمستقبل يرفض المس بهيبة الدولة

على الرغم من الأجواء الإيجابية التي أشاعتها المبادرة التي أطلقها الرئيس سعد الحريري خلال مقابلته التلفزيونية أول من أمس والتي كشف النقاب عن تقديمها الاثنين المقبل إلى المجلس النيابي تمهيداً لدرسها بكل تفاصيلها في اللجان المشتركة، فإن الحادثة المؤسفة التي جرت وقائعها في بلدة عرسال البقاعية القريبة من الحدود السورية، أرخت بثقلها على المشهد اللبناني العام.

وأصدرت مديرية التوجيه في قيادة الجيش بياناً أشارت فيه إلى أنه "أثناء قيام دورية من الجيش في أطراف بلدة عرسال بملاحقة أحد المطلوبين الى العدالة بتهمة القيام بعدة عمليات إرهابية، تعرّضت لكمين مسلح، حيث دارت اشتباكات بين عناصر الدورية والمسلحين أسفرت عن استشهاد ضابط برتبة نقيب ورتيب، وعن جرح عدد من العسكريين وتعرض بعض الآليات العسكرية لأضرار جسيمة، بالاضافة الى اصابة عدد من المسلحين".
وأضاف البيان "على أثر ذلك، توجهت قوة كبيرة من الجيش الى المنطقة، وفرضت طوقاً أمنياً حولها، كما باشرت عمليات دهم واسعة بحثاً عن مطلقي النار".

ودعت القيادة "أهالي البلدة الى التجاوب الكامل مع الاجراءات التي ستتخذها قوى الجيش تباعاً لتوقيف جميع مطلقي النار، تحذر بأنها لن تتهاون في التعامل مع أي محاولة لتهريب المسلحين أو إخفائهم، وسيكون مرتكبوها عرضة للملاحقة الميدانية والقانونية".

تفاصيل
وذكر مراسل "المستقبل" في البقاع أن أكثر من عشرة عناصر من مخابرات الجيش في لباس مدني كانوا يستقلون سيارتين مدنيتين حاولوا توقيف المواطن خالد أحمد حميّد لدى خروجه من أحد مساجد البلدة بعد أدائه صلاة الظهر، فلاذ بالفرار وبادروه بإطلاق النار فأصابوه في رجليه ثم قاموا بنقله إلى إحدى السيارتين وغادروا البلد من خلال طريق ترابية فرعية باتجاه منطقة وادي الرعيان حيث كانت بانتظارهم سيارتا "هامر" تابعتان للجيش اللبناني.

وسادت بلبلة بين صفوف المواطنين بعد أن أعلن رئيس بلدية عرسال علي محمد الحجيري أن مخابرات الجيش اللبناني نفت علاقتها بالدورية ما دفع إلى الاعتقاد بأن عناصر حزبية مسلحة هي من قامت بتلك العملية. وتوجه عشرات المسلحين من أبناء البلدة إلى مكان الدورية حيث دار اشتباك بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقذائف الصاروخية التي أصابت إحداها السيارة التي كانت تقل حميّد ما أدى إلى مقتله ومقتل النقيب بيار مشعلاني والرقيب أول إبراهيم زهرمان وإصابة عشرة من عناصر الدورية وعدد من المسلحين.
وبعد أن فاق عدد المسلحين بكثير عدد عناصر الدورية، توقف إطلاق النار خوفاً من سقوط المزيد من الضحايا ونقلت جثث القتلى إلى مبنى البلدية. وبعد مفاوضات استمرت قرابة ثلاث ساعات، نقل الصليب الأحمر اللبناني جثتي النقيب والرقيب الأول إلى مستشفى "يونيفرسال" في بلدة راس بعلبك.

"تيار المستقبل"
ومساء، أصدرت منسقية "تيار المستقبل" في عرسال بياناً اكّدت فيه أن التيار "ضد أي اعتداء على الجيش اللبناني، أو على أي جهاز أمني آخر، انطلاقاً من رفضه أي شكل من أشكال المس بهيبة الدولة، ويدعو أهالي عرسال إلى التعاون مع الأجهزة الأمنية المختصة لمعالجة تداعيات الحادث، والحؤول دون تكراره في المستقبل، حفاظاً على أمن المنطقة التي لطالما كانت وستبقى تحت سقف الدولة".
وإذ عبّر التيار "عن بالغ أسفه لما حصل، تقدم من ذوي الشهداء بأحر التعازي، ويتمنى للجرحى الشفاء العاجل".

فتفت
واعتبر عضو كتلة "المستقبل" النائب أحمد فتفت أنّ المبادرة انطلقت أصلاً من فكر "14 آذار" وروحيّته. ووصفها بأنّها شاملة تعالج هواجس المواطنين المحلية منها، عبر الدوائر الصغرى ومجلس الشيوخ وتنفيذ اللامركزية الإدارية، وكذلك الاقليمية عبر إدخال روحية إعلان بعبدا في مقدمة الدستور.

ورأى أنّها "أتت من خلال خطة متكاملة كانت بمثابة عملية إنقاذية كبيرة جداً أطلقها الحريري لقوى "14 آذار". وهي خطة تاريخية ستحقق إنجازاً استراتيجياً لمصلحة كل اللبنانيين"، كما شدد على أنها "رسالة مفتوحة إلى حلفاء المستقبل وخصومه السياسيين لملاقاته في مكان ما بمشروع جدي بغية إنقاذ لبنان".

وأكد أنّ "المبادرة تطرح سؤالاً كبيراً جداً على قوى "14 آذار" وعلى اللبنانيّين الذين أسّسوا لـ"ثورة الأرز" في العام 2005 حيال ما إذا كانوا يريدون استمرار هذه الحركة". ورأى أنه "يجدر بـ"القوات اللبنانيّة" و"الكتائب اللبنانيّة" ألا يقعا في ردود الفعل التي يجرّها إليها بعض التطرّف على غرار رئيس تكتّل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون بل أن تكون على مستوى هذه المبادرة وأن تدرسها وتجيب عليها".

ولفت فتفت إلى أنّ "تيّار المستقبل" لم يتقدّم من مجلس النوّاب بهذه المبادرة اليوم نظراً لضيق الوقت إلا أنه سيُقدّمها الاثنين المقبل. وأوضح أنّ الرأي العام سيطّلع الاثنين على التقسيمات الانتخابيّة التي وردت في هذه المبادرة. ووفق فتفت فإنّ "تيّار المستقبل" سيطرح رؤيته لكنه ليس مغلقًا على النقاش في الطروحات الأخرى. وأكّد أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري سيكون مضطرًا على إحالة هذه المبادرة إلى اللجان النيابيّة المشتركة ما أن تصله. وأوضح أنّ مشروع قانون الانتخاب سيشكّل الخطوة الأولى من هذه المبادرة التي ستطرح كاملة على مجلس النواب، مشيرًا إلى إمكان إنشاء مجلس الشيوخ مع الانتخابات البرلمانية العتيدة وإلى أنّ اللامركزية الادارية تحتاج إلى بعض الوقت.

شهيب
إلى ذلك، وفي حين لم تفاجئ ردود فعل تيار النائب ميشال عون على مبادرة الرئيس الحريري، سجّلت مواقف مرحّبة من قوى "14 آذار" بالمبادرة ومن عضو جبهة "النضال الوطني" النائب أكرم شهيّب الذي قال لـ"المستقبل" إن حديث الرئيس الحريري "كان الأساس فيه شقان، شق تناول مرحلة ما قبل الانتخابات، أي مشروع قانون الانتخاب، وما طرحه يشبه إلى حد بعيد ما طرحناه في مجلس النواب منذ أسبوع تقريباً، والشق الثاني يتعلّق بإنشاء مجلس الشيوخ انطلاقاً من الواضع الطائفي والمذهبي لتخفيف هواجس جميع الطوائف".

واعتبر أن الرئيس الحريري كان "واضحاً ومنفتحاً على أي قانون يمكن أن يرضي الجميع، وهو عرض مشروعه وكان منفتحاً على الآخرين لا بل قال أكثر من ذلك: إذا كان المطلوب تضحيات فنحن مستعدون".
وأشار إلى أن ذلك "يعكس موقف الحريري المنفتح والداعي إلى الحوار للوصول إلى تفاهم مع كل مكونات الشعب اللبناني".

الهبر
من جهته، رأى عضو كتلة "الكتائب" النائب فادي الهبر أن "مبادرة الرئيس الحريري في نقاطها الأربعة تتماشى مع طروحات حزب الكتائب إذ أن موقفه من تحييد لبنان عن الصراعات الدولية معروف وكذلك في موضوع مجلس الشيوخ واللامركزية الإدارية وفي إقرار قانون انتخاب أكثر تمثيلاً".

وشدد الهبر على "التقاء الحزب مع مبادرة الرئيس الحريري في الدعوة إلى مجلس الشيوخ وتشكيل هيئة إلغاء الطائفية السياسية وتنفيذ الطائف. على أي حال نحن على تواصل مع كل أركان 14 آذار وعندما يؤخذ قرار نهائي من قبل 14 آذار لن نكون ضده بعد طرحه في المكتب السياسي للحزب والموافقة عليه ونحن في المبدأ موافقون على كل ما طرحه في مبادرته وللبحث صلة في كل الأمور التفصيلية".

جنجنيان
واعتبر عضو كتلة "القوات اللبنانية" النائب شانت جنجنيان أنه "كان لا بد في مكان ما من تحريك الأجواء والقيام بمبادرة، وجاءت مبادرة الرئيس سعد الحريري والفرقاء كافة كانوا بحاجة إلى تحريك الأجواء ونحن استبشرنا بها، إذ وضعت الطابة في ملعب فريق 8 آذار الذي ندعوه للاستفادة من الفرصة التي قدمت لهم وأن يتلقفوا مبادرة الرئيس الحريري في حال أرادوا إيجاد البديل عن حال المراوحة القائمة حالياً، وأن يكونوا جديين أكثر في موضوع التوصل إلى حل في ما يتعلق بإقرار قانون انتخاب بدل العمل على تأجيج الوضع القائم وهذا الأمر ليس في مصلحة أحد".

وأكّد أن "دعوة الحريري لجعل ما ورد في إعلان بعبدا في مقدمة الدستور وتحييد لبنان عن الصراعات الإقليمية هو أمر مذكور في الطائف والبعض قد نسي هذا الأمر إذ تاريخياً لبنان كان على حياد ويبدو أن البعض تناسى والرئيس الحريري أعاد التذكير بالأمر ولا بد من تطبيقه".

حرب
وأمل النائب بطرس حرب في أن "لا يصار إلى رجم المبادرة الانتخابية لأنها صادرة عن سعد الحريري أو لأنه لا يؤمّن مصالح بعض الفئات والتيارات التي تقدم مصلحتها على مصلحة لبنان".

أوضح أن "الرئيس الحريري حاول في عرضه التوفيق بين الالتزام بالموقف السياسي الذي سبق لتيار المستقبل إعلانه بتأييد الدوائر الصغرى التي اقترحها حلفاؤه من كتائب وقوات ومستقلين والذي يعتمد نظام الخمسين دائرة الذي يمكن أن يؤمّن صحة التمثيل لكل اللبنانيين ولا سيما المسيحيين منهم، كما أن طرحه لإنشاء مجلس الشيوخ الآن وقبل الموعد المحدد في اتفاق الطائف أي بعد انتخاب مجلس نواب خارج القيد الطائفي وبعد إلغاء المناصفة بين المسيحيين والمسلمين يشكل ضمانة إضافية لطمأنة الأقليات حول مستقبل دورهم وفعالية هذا الدور في الحياة الوطنية".

وشدد على أن "طرح الرئيس الحريري الجديد الذي يتضمن أيضاً تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة وإعلان حياد لبنان الذي أجمع عليه أعضاء لجنة الحوار الوطني في بعبدا طرحاً متقدماً ومريحاً يجب التعاطي معه بالجدية والمسؤولية المطلوبة". وآمل "ألا يصار إلى رجمه لأنه صادر عن سعد الحريري أو لأنه لا يؤمّن مصالح بعض الفئات والتيارات التي تقدم مصلحتها على مصلحة لبنان".

عطا الله
ورأى رئيس حركة "اليسار الديموقراطي" النائب السابق الياس عطاالله "أن الإطار العام الذي وضع فيه الرئيس الحريري مبادرته سياسياً، ذو أهمية قصوى، كونه يعيد مرجعية كل هذه الاقتراحات، إلى لحظة تكون محطة تاريخية في الحياة الوطنية اللبنانية، هي لحظة 14 آذار، والاقتراحات جاءت منسجمة مع هذا الخيار الوطني، وطبعاً المبادرة هي محاولة تفتيش عن آلية لا تتناقض مع الطائف ولا مع المصلحة الوطنية العليا ولا ترفض الاعتراف بهواجس الآخرين أو مصالحهم".

هيئة التنسيق النقابية
من الناحية المعيشية، دعت هيئة التنسيق النقابية "الجمعيات العمومية ومجالس المندوبين إلى الانعقاد ما بين 4 و15 شباط الجاري لمناقشة وإقرار الإضراب العام الشامل والمفتوح في جميع المدارس والثانويات الرسمية والخاصة ومعاهد التعليم المهني والتقني والرسمي وفي الوزارات والإدارات العامة والسرايا الحكومية في الأقضية والمحافظات وفي البلديات، وذلك من أجل إحالة سلسلة الرتب والرواتب إلى المجلس النيابي بصفة المعجل ومن دون تقسيط".

وبررت الهيئة إضرابها بأنه يأتي على ضوء تنفيذ "14 إضراباً و60 اعتصاماً و4 تظاهرات ومقاطعة التصحيح لمرتين متتاليتين ومؤتمرين نقابيين ولم يؤد ذلك إلى إحالة السلسلة حتى الآن".
  

السابق
اللواء: هيئة التنسيق لإضراب مفتوح والعمالي على الطريق
التالي
الشرق: استشهاد ضابط ورتيب بكمين والجيش يحاصر عرسال