الجمهورية: إستشهاد ضابط ورتيب بمكمن في عرسال وقطع طرق في البقاع

هزّ خبر استشهاد ضابط ورتيب في الجيش اللبناني وجَرح رفاق لهم أثناء ملاحقة دوريّة أحد المطلوبين في عرسال، اللبنانيّين مذكّراً بأنّ معضلتهم الأساسية تتمثل بانتشار السلاح على امتداد الجغرافيا اللبنانية، وكأنّ قدرَهم التسليم بالأزمات المفتوحة وتنقّل الأحداث الأمنية من مدينة إلى أخرى، وتدفيع المؤسّسة العسكرية ضريبة غياب هذا التوافق الذي وحده يشكّل الضمانة لقيام الجيش بمهامّه وبسط الدولة لسلطتها. ونظراً لخطورة الأمر قطع قائد الجيش العماد جان قهوجي زيارته الرسمية إلى فرنسا ليعود فوراً إلى لبنان.

منذ ساعات ما بعد الظهر، تحوّلت الأنظار الى بلدة عرسال البقاعية التي عادت لتتصدّر الواجهة الأمنية في البقاع، كونها منطقة حدودية وذات طابع سنّي، وعلى اعتبار البعض أنّها تشكّل داعماً رئيسيّاً للثورة السورية والمتنفّس الوحيد للجيش السوري الحر في البقاع بحيث يسكن بعضهم فيها، كما يُشاع.

وقائع الحادثة

في آخر المستجدّات كما رواها مندوب "الجمهورية" في البقاع، أنّ سيارتين مدنيتين، الأولى من نوع "فان" والثانية "رانج روفر" بداخلهما مسلّحون يرتدون ثياباً مدنية، اعترضتا "بيك آب" عائداً للمدعوّ خالد أحمد حميد، وأطلق من فيها النار باتّجاهه، فأردوه قتيلاً. وعلى الأثر، لحقت مجموعة من الأهالي السيارتين وأطلقت النار باتجاههما.عندها، تدخّل الجيش اللبناني الموجود في المنطقة ودارت اشتباكات بالأسلحة المتوسّطة والخفيفة أسفرت عن استشهاد نقيب في الجيش اللبناني ورتيب، وجَرح سبعة آخرين، نقلهم الصليب الأحمر اللبناني إلى مستشفى "اليونيفرسال" في رأس بعلبك ودار الأمل الجامعي في بعلبك.

وعلى الأثر، توجّهت وحدات من الجيش معزّزة بآليّات عسكرية، وفرقة من قوى الأمن الداخلي وشعبة المعلومات، الى البلدة لضبط الوضع.

وعبّر أهالي المنطقة الذين شيّعوا حميد مساء عن خشيتهم من فتنة تحضّر لهم كما قالوا، وأبدى بعضهم اعتقاده بأنّ السيارتين اللتين أطلق من بداخلهما النار تعودان الى عناصر من "حزب الله" على حدّ قولهم، وأنّها ليست المرّة الأولى.

ولفت المراسل الى انّ هذه الاشتباكات تزامنت أمس مع إخلاء الجيش السوري بعض المواقع الحدودية في قرى فليطة وجراجير الواقعة على حدود بلدة عرسال، وبحسب مصادر أمنية، فإنّ الانسحاب جاء نتيجة البرد والظروف الطبيعية التي تحكم تلك المواقع.

بيان قيادة الجيش

وكان صدرَ عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه البيان الآتي:

"بعد ظهر اليوم (أمس) وفي أثناء قيام دورية من الجيش في أطراف بلدة عرسال بملاحقة أحد المطلوبين إلى العدالة بتهمة القيام بعمليات إرهابية عدّة، تعرّضت لكمين مسلّح، حيث دارت اشتباكات بين عناصر الدورية والمسلّحين أسفرت عن استشهاد ضابط برتبة نقيب ورتيب، وعن جَرح عدد من العسكريين وتعرّض بعض الآليات العسكرية لأضرار جسيمة، بالإضافة إلى إصابة عدد من المسلّحين.

على أثر ذلك توجّهت قوّة كبيرة من الجيش إلى المنطقة، وفرضت طوقاً أمنيّاً حولها، كما باشرت عمليات دهم واسعة بحثاً عن مطلقي النار.

إنّ قيادة الجيش إذ تدعو أهالي البلدة إلى التجاوب الكامل مع الإجراءات التي ستتّخذها قوى الجيش تباعاً لتوقيف جميع مطلقي النار، تحذّر بأنّها لن تتهاون في التعامل مع أيّ محاولة لتهريب المسلّحين أو إخفائهم، وسيكون مرتكبوها عرضة للملاحقة الميدانية والقانونية".

مصادر أمنية

في الموازاة، روت مصادر أمنية لـ"الجمهورية" أنّ قوّة من مخابرات الجيش قصدت منطقة جرود عرسال مباشرة من بيروت إثر توافر معلومات عن ظهور المطلوب خالد الحميد لتوقيفه وإحالته الى القضاء المختصّ، وبوصولها إلى إحدى تلال البلدة حصلت المواجهة التي أدّت إلى إصابة أفراد القوّة وثلاثة مسلّحين أحدهم شقيق حميد.

ثمّ توتّرت الأجواء وتقدّمت قوّة كبيرة من الجيش الى المنطقة وبوشرت الإتصالات، فسلّم الأهالي جثث الشهيدين والجرحى بعدما احتجزوهم لبعض الوقت في مبنى البلدية وقبل ان تتوضّح الهوية العسكرية للدورية، باعتبار أنّ عناصرها كانوا بلباس مدني.

وعلُم أنّ مجموعات من عرسال والمزارع المجاورة لها انتشرت منذ صباح الخميس في منطقة التلال الفاصلة بين عرسال والحدود اللبنانية – السورية بعد ساعات على إخلاء عشرات المراكز التي كانت للجيش السوري النظامي والهجّانة المكلّفين حماية الحدود، وهي المنطقة التي وقعت فيها المواجهة بين الجيش والمسلّحين، علماً أنّها منطقة شهدت مواجهات عدّة بين اهالي عرسال ومجموعات أخرى سوريّة تابعة للنظام وأخرى للبنانيين مؤيّدين له فتحوّلت منطقة استنفار دائم.

رواية رئيس البلدية

من جهته، قال رئيس بلدية عرسال علي الحجيري لـ"الجمهورية" إنّ سيارتين مدنيتين بداخلهما مدنيّون أطلقوا النار في اتّجاه سيّارة حميد العائد من الجامع وهو أعزل، وأفرغوا 43 رصاصة في اتّجاهه ثمّ أخذوا جثّته واتّجهوا نحو جرود عرسال حيث علقوا في الثلوج. أضاف: "إتصلنا بالجيش والقوى الأمنية لمعرفة مدى علاقتهم بالحادث، فأفادوا جميعاً أن لا دوريّات لهم في المنطقة ولا مهمّات لعناصرهم، عندها ظنّ أهالي البلدة أنّها عصابة فلحق بها عدد من المسلّحين من الأهالي واشتبكوا معهم، ما أدّى الى استشهاد ضابط ورتيب من الجيش ونحو 6 من المدنيين الذين كانوا في رفقة العسكريين في السيارتين. بعد ذلك فوجئنا بأنّ السيارتين كانتا تضمّان عسكريين من الجيش. ولفت الحجيري الى أنّ حميد معروف في المنطقة بولائه للجيش السوري الحرّ وأنّه يدخل ويخرج من سوريا وإليها مراراً، مستغرباً إطلاق النار عليه إذا كان الهدف هو توقيفه على خلفية ملاحقة قضائية.

منسّقية "المستقبل"

في هذا الوقت، ذكرت منسّقية "تيار المستقبل" في عرسال انّ مجموعة من مخابرات الجيش اللبناني بلباس مدنيّ دخلت عرسال أثناء صلاة الجمعة، عبر سيارتين مدنيتين ( فان أبيض وجيب BMW) لمهمة أمنية، سقط نتيجتها المواطن خالد حميد من عرسال، فظنّ الأهالي أنّها مجموعة مسلّحة تهدّد أمنهم، ما تسبّب بمواجهة أدّت إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى من عناصر الجيش اللبناني وأهالي عرسال.

وليلاً قطع أهالي المريجات الطريق الدولية في ضهر البيدر احتجاجاً على استشهاد النقيب بيار مشعلاني.

مبادرة الحريري

إلى ذلك، ظلّت مبادرة الرئيس سعد الحريري الانتخابية في دائرة الضوء، وهي لاقت ترحيباً من المستقبل وانتقاداً من "التيار الوطني الحر" و"حزب الله".

وعلمت "الجمهورية" أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان أجرى ليل الخميس – الجمعة اتصالا هاتفيّا مطوّلا بالحريري مهنّئاً إيّاه على جرأته في بعض مواقفه ولا سيّما الموقف المتقدّم من الزواج المدني منوّهاً بصراحته وبأهمّية تحكيم لغة العقل والمنطق التي عبّر عنها في عالم عربي وإسلامي متشنّج ينحو الى التطرف والتعصّب، وبالتالي عاجز عن استيعاب هذه المواقف المتقدّمة؟

وفي المواقف، أكّد نائب" المستقبل" زياد القادري انّ مبادرة الحريري تأتي ضمن مبادئ الحفاظ على الدستور واحترامه والتمسّك بالانصهار الوطني. وذكّر انّ قانون تأجيل الانتخابات البلدية عام 1998 أبطله المجلس الدستوري الذي اعتبر أنّ مبدأ دوريّة إجراء الانتخابات هو مبدأ دستوري. وطالب الحكومة بتأمين إجراء الانتخابات في موعدها وإلّا تكون قد خرقت مبدأ دستوريًّا، ممّا يعرّض رئيسها والوزراء للمحاسبة امام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

الملفّ الإقليمي

إقليميّا، أكّد السفير الأميركي في سوريا روبرت فورد الموجود حاليّاً في واشنطن، أنّ نائب الرئيس الأميركي جو بايدن الذي سيلتقي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ميونيخ اليوم سيبحث معه الملف السوري وسيطلب منه تقديم المساعدة لتشكيل حكومة إنتقالية. ووصف الأنباء عن عقد لقاء رباعي في ميونيخ يضمّ بايدن ولافروف والابراهيمي ورئيس الإئتلاف السوري المعارض معاذ الخطيب بالخاطئة.

وحول إجتماع بايدن بالخطيب وهل يحمل وعوداً بمساعدات أميركية إضافية للمعارضة ومن بينها السلاح، قال فورد: "لا أعتقد أنّ نائب الرئيس سيقدّم عروضاً للأسلحة. وموقفنا معروف في هذا الصدد". لكنّه وصف هذا الإجتماع بأنّه إشارة إلى تطوّر العلاقة بين واشنطن والمعارضة خصوصاً أنّه الأوّل من نوعه بين نائب الرئيس الأميركي والمعارضة السورية.

وأكّد فورد تأييد بلاده لحلّ سياسي في سوريا، لكنّه شدّد على أنّ المعارضة السورية ترفض مشاركة الأسد في حكومة إنتقالية، وعلى المجتمع الدولي أن يتعامل مع هذا الواقع. أضاف: "قلنا من البداية إنّنا نفضّل حلّاً سياسيّاً ولكنّنا نراقب التقدّم على الأرض من الجيش الحر، وإذا لم يتمّ تشكيل حكومة إنتقالية بموافقة المعارضة فأعتقد أنّ الحملة العسكرية ستستمرّ والجيش الحر يتقدّم على الأرض يوماً بعد يوم".

وأوضح فورد أنّ الواقع الميداني يؤكّد خروج الحدود التركية من يد النظام وكذلك الحدود العراقية والكثير من المناطق في محافظات حلب وإدلب ودير الزور وحمص. وأكّد انّ الموقف الأميركي في شأن تحويل أسلحة من سوريا إلى "حزب الله" معروف وهو معارض لذلك، وعلى النظام في سوريا أن يفهم أنّ وقته محدود وأيّامه معدودة وأنّ عليه الدخول في مفاوضات حقيقية لتشكيل حكومة إنتقالية وتنحّي الأسد عن الكرسي."

من القاهرة إلى أنقرة

وكانت طُبعت نهاية الاسبوع بسلسلة أحداث أمنيّة في الخارج ولا سيّما في القاهرة مع استهداف محتجّين مصريّين قصرَ الاتّحادية الرئاسي بقنابل المولوتوف الحارقة والألعاب الناريّة، ما أدّى الى نشوب حريق محدود بحديقة القصر. إضافةً الى الهجوم الذي استهدف السفارة الأميركية في أنقرة والذي وصفته كلّ من تركيا وواشنطن بأنّه إرهابيّ بامتياز، والذي قُتل خلاله اثنان وجُرح أخر.

وفي شأن متّصل، نقل مراسل "الجمهورية" في واشنطن جاد يوسف عن المتحدّث باسم البنتاغون الكولونيل ستيفين وارين قوله إنّ قادة القاعدة الجوّية الأميركية في إنجرليك بتركيا يعيدون مراجعة الإجراءات الأمنية المتّخَذة في محيطها ويقيّمون المعلومات الإستخباراتية التي في حوزتهم، ليتّخذوا في ضوئها إجراءات احترازية إضافية لحماية المقرّات العسكرية الأميركية وأفراد القوّات المسلحة الذين يخدمون فيها.

وأكّد وارين أنّ الهجوم إرهابيٌّ بامتياز، مشيراً إلى أنّ وزارة الدفاع الأميركية تراقب الوضع عن كثب. ?
  

السابق
الأخبار: الادعاء على الحايك بمحاولة قتل حرب
التالي
البناء: إمارة عرسال تكمن للدولة ردود فعل سياسية وشعبية