هل يصبـح الحلف الخماسي آخر الـدواء؟


نجح رئيس مجلس النواب في فتح ثغرة في طريق الوصول الى اقرار قانون انتخابي «صنع في لبنان»، وتمكن من خلال مسار جلسة اللجان النيابية المشتركة، أمس الاول، من شراء المزيد من الوقت، وعينه على فرصة يتحيّنها لتوسيع الثغرة في حائط الانتخابات.
ومن يزور عين التينة يخرج بانطباع ان لدى نبيه بري خريطة طريق على قاعدة «الخطوة خطوة وصولا الى مواجهة الاستحقاق الانتخابي بما يحفظ وحدة البلد».
ويقول سياسي لبناني انه التقى احد الرؤساء الثلاثة قبل ايام قليلة ودار بينهما الحديث التالي حرفيا:
السياسي: ما هي حظوظ اجراء الانتخابات النيابية؟
الرئيس: مئة في المئة، كل العالم يدعم اجراء الانتخابات في موعدها.
س: وعلى اساس اي قانون؟
ر: كل الجهود منصبة في هذه الفترة على إعداد قانون جديد متوافق عليه من قبل الجميع.
س: كيف سيتم التوفيق بين هذه الاطراف التي يرفض بعضُها النظامَ الأكثري بالمطلق، ويرفض بعضُها الآخرُ النظامَ النسبيَّ بالمطلق، والاهم من كل ذلك، كيف يمكن ان تقنع من يربح بالنظام الاكثري بان يقبل بخفض ربحه الى النصف او اكثر بقليل او اقل بقليل؟
ر: لا بد من الاعتراف ان المسألة صعبة ومعقدة.
س: الوقت ينفد، وهناك ضغط خارجي كبير لاجراء الانتخابات في موعدها، ولو على اساس «قانون الستين»، ومجرّد التفكير باجراء الانتخابات على اساسه، سيعتبره مكونٌ اساسيٌّ في البلد بمثابة اعلان حرب عليه.
ر: انا ضد القول بأن «قانون الستين» قد مات، بل على العكس انا مع ان يبقى هذا القانون على علاته ضاغطا على رقاب القوى السياسية لتحفيزها على وضع صيغة توافقية بديلة منه وتجنب لبنان ما قد يتأتى عنه من تداعيات دراماتيكية.
س: الامر صعب ومعقد كما قلت، كل القوى تمترس خلف موقفها ومصلحتها، ولا تريد الانتقال من خلف متاريسها الى مساحة مشتركة.
ر: احد المعنيين بالشأن الانتخابي، طرح علي منذ فترة، فكرة اعتقد ان فيها شيئا من الواقعية، ويقول صاحبها انها قد تشكل مخرجا للازمة الانتخابية. وتنطلق من ثابتتين:
الاولى، اصطدام القوى السياسية بالحائط وعدم وجود رغبة لديها في التوافق على صيغة انتخابية.
الثانية، تسليم الفرقاء في 8 و14 آذار والوسطيين والمستقلين بعدم قدرة اي منهم على ان يحقق الاغلبية منفردا في الانتخابات، مهما كان حجم الدوائر، وفي ظل اية صيغة، سواء اكثرية ام نسبية. والاطراف السياسية الوازنة ستبقى هي الوازنة في الانتخابات سواء بنائب بالزائد او بالناقص، وبالتالي لن تكون هناك غلبة لفريق على فريق، (هذا ما ينادي به الجميع ويكرره وليد جنبلاط بشكل شبه يومي)، وطالما ان المشهد الانتخابي لن يتبدل في الانتخابات المقبلة، وحصص القوى السياسية لن تتأثر، فلتوفر القوى السياسية على البلد هذا الاستغراق بالمناكفات الجارية، وعض الاصابع وكل ما يرافقه من تشنج وتحريض، ولتَجرِ الانتخابات باقل كلفة مالية وسياسية، ولنبادر الى صيغة تستنسخ الوضع القائم.
س: ما هو المقصود بالوضع القائم؟
ر: ليس بالضرورة تعديل «قانون الستين»، بل من خلال حلف خماسي ضمني («امل»، «حزب الله»، «التيار الوطني الحر»، وليد جنبلاط، و«تيار المستقبل» وحلفاؤه المسيحيون)، يفرض نفسه كآخر الدواء لتمرير الانتخابات المقبلة، على ان يحال البحث في الاصلاح الانتخابي لمرحلة ما بعد الانتخابات المقبلة التي ستتوضح فيها ايضا وجهة المسار الذي سيسلكه الوضع في سوريا، وتتبدى معالم الحوار الاميركي ـ الايراني، وكذلك الحوار الاميركي ـ الروسي.
س: ماذا عن امكان التمديد للمجلس الحالي؟
ر: اي كلام عن تأجيل تقني في ظل قانون نافذ للانتخابات هو نوع من الهرطقة، وبالتالي اي قانون للتمديد هو قانون مطعون فيه دستوريا، ذلك ان تبرير عدم اجراء الانتخابات والتمديد للمجلس تحت اي مسمى: تأجيلا تقنيا كان أم تأجيلا مرحليا، إذ يتطلب توافر مانع قاهر سياسي او امني على مستوى لبنان، أوعلى مستوى منطقة فيه، يحول دون اجراء الانتخابات في مواعيدها، او حتى توافر قانون انتخابي تنقصه الاجرائية التنفيذية، وهذا يبرر طلب التأجيل تقنيا لاكمال هذه الاجرائية.
س: في أي خانة يمكن تصنيف تمسك رئيس الجمهورية بتشكيل الهيئة المستقلة؟
ر: في خانة تعويم «قانون الستين» لأنه من دون تشكيل هذه الهيئة المنصوص عليها في القانون المذكور سيكون متعذرا اجراء الانتخابات وفق قانون العام 2008 («قانون التسين» معدلا).
س: واذا وصلنا الى حزيران بلا قانون أو مواعيد؟
ر: عندها ستكون الطامة الكبرى. حكومة تحكم بلا مجلس نواب يشرع. عندها لن يكون بمقدور الحكومة الدعوة للانتخابات الا وفق قانون الستين بعد تشكيل الهيئة الانتخابية. واذا استمر الفراغ حتى الانتخابات الرئاسية ندخل في اشكالية أكثر تعقيدا، من دون اغفال واقع الفراغ الذي سيصيب المواقع الاساسية في المؤسسات الأمنية (قوى أمن وقيادة جيش ومديرية مخابرات وغيرها).

السابق
لبنان يتحمّل 1,5 مليون لاجئ؟!
التالي
تداعيات الغارة تتفاعل وتحذير من نقل أسلحة إلى حزب الله