هل تولد المساعدات أثرياء جدداً؟

ليست جديدة على لبنان قضية النازحين إليه، فهو يعرف هذه المأساة وهذه المعاناة منذ العام 1948 مروراً بالعام 1967، وما تلاه كالعام 1970 وصولاً إلى اليوم، فالنزوح الأولي كان للفلسطينيين من فلسطين ثم من الأردن واليوم من سوريا.
النزوح الثاني هو للسوريين، وفي كل يوم يزداد العدد وقد بلغ قرابة الربع مليون نازح.

الفعل المرافِق للنزوح هو المساعدات وقد خبِرها منذ وصول أول نازح إليه، حتى أن النازحين اللبنانيين من منطقة إلى أخرى، بفعل الحروب المتنقِّلة ذاقوا مُرَّ المساعدات أيضاً.
الأولوية اليوم هي للنازحين السوريين، حتى أن اللبناني بات يُوزِّع إنشغالاته وهواجسه بين تصحيح لوائح الشطب الإنتخابية وبين تصحيح أعداد النازحين سواء أكانوا سوريين أم فلسطينيين.

وبصرف النظر عن الرقم الذي وصل إليه عدد النازحين، فإن لبنان بات يقع تحت ثِقل هذه القضية الجديدة، ومن أجل ذلك كانت مشاركته في مؤتمر دولة الكويت الشقيقة المباركة بحكامها لمساعدة النازحين السوريين.
لبنان في المؤتمر دقَّ ناقوس الخطر، فرئيس الجمهورية أعلن أن الحكومة اللبنانية أقرَّت خطة متكاملة تشمل النواحي التربوية والصحية والاجتماعية، ترتكز إلى ضرورة تفعيل قدرات المؤسسات اللبنانية في هذه القطاعات وتقويتها وتعزيزها، لتتمكن من تقديم أوسع الخدمات وأشملها. وهذه الخطة تلبي إحتياجات نحو مئتي ألف نازح وكلفتها التقديرية تتجاوز 370 مليون دولار، وقدرتها على تلبية مزيد من النازحين تتطلب متابعة وتطويراً ومؤازرة إضافية، خصوصاً أن عدد النازحين إلى لبنان حتى اليوم، فاق مئتي ألف، وهو عدد مرشح للإرتفاع بكثافة وسرعة نظراً إلى إستمرار الأزمة في سوريا وتفاقمها.
إذا وُضِع هذا الكلام في باب التشريح فكيف يمكن ترجمته؟
إذا سلّمنا جدلاً أن المبلغ الذي طلبه لبنان سيتم الإيفاء به فمَن سيتولى توزيعه؟
وكيف؟
مَن يُحدِّد الأولويات والإحتياجات؟
هل الأدوية والبطانيات والمواد الغذائية هي كل شيء؟
مَن يُشرِف على التوزيع وعلى الكميات؟
هل هي الهيئة العليا للإغاثة أو وزارة الشؤون الإجتماعية؟
وزير الشؤون الإجتماعية وائل أبو فاعور الذي كان في عداد الوفد اللبناني إلى مؤتمر دولة الكويت الشقيقة، يُفتَرض أن يتولى شخصياً عملية الإشراف على:
تحديد نوعية المساعدات.
توزيعها بشكلٍ عادل.
منع عمليات الهدر.

هذه الآلية هي واجبة وضرورية، وما لم يبدأ هذا الملف من هذا الباب، وعلى يد الوزير فاعور بالذات لِما هو معروفٌ عنه من صدقية وشفافية، فإن مغارة علي بابا في الإنتظار وعلى أحرّ من الشوق لتبدأ هوايتها في توزيع شيء وتسجيل أشياء أخرى ليبدأ بعد حين ظهور حديثي النعمة من جراء غنائم المساعدات. واللبيب من الإشارة يفهم.

السابق
كن نباتياً وعش طويلاً
التالي
الصمود السوري والمأزق الغربي