الزواج المدني بين الرفض والقبول.. فتوى

كان الجميع يتوقعون من مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني موقفاً رافضاً لتشريع الزواج المدني في لبنان. كثيرون لم ينسوا حملته الشرسة نهاية التسعينيات على محاولة إقرار القانون الذي وصل إلى مجلس الوزراء وحاز أصوات أكثر من 20 نائباً. لكن أن يصل الأمر إلى التكفير؟ هذا ما بدا مستغرباً في ظلّ رضى سنيّ عن موقف رئيس الحكومة من الموضوع
فها هو مفتي الجمهورية، يفتي، بـ"أن كل من يوافق من المسؤولين المسلمين في السلطة التشريعية والتنفيذية في لبنان، على تشريع وتقنين الزواج المدني، هو مرتدّ وخارج عن دين الإسلام، ولا يغسّل ولا يكفّن ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ويحمل أوزار كل الذين يدخلون في هذه العلاقة غير المشروعة من أبناء وبنات المسلمين إلى يوم القيامة".

نفهم أن يرفض المفتي قباني، وأئمة المساجد، الزواج المدني. أن يعملوا على منع إقراره بما أنهم مقتنعون بأن هذا الأمر يهدّد عقيدتهم. لكن أن يصل الأمر إلى التكفير؟ الاتهام بالردّة؟
في موازاة ذلك، ثمة من كان يسأل أمس عن سرّ تفرّد المفتي بهذه الحدّة، في ظل غياب أصوات إسلامية أخرى. ماذا عن رأي الشيعة؟ الشيعة مسلمون ويتزوجون وفقاً للشريعة أيضاً. وبالنسبة لهم الزواج المدني، بحسب ما هو مطروح، هو زواج غير شرعي، وأي الزواج غير الديني، هو يكون من نفسه قد قرر أن يذهب إلى جهة غير دينية.

النقاش في قضية الزواج المدني حطّ على طاولة مجلس الوزراء الذي انتظره الرئيس ميشال سليمان ليردّ على تمنّع الرئيس نجيب ميقاتي عن إخراج مشروع قانون الأحوال الشخصية والزواج المدني من "الدُرج" لإعادة مناقشته طالما أنه يشغل هو كرسي رئيس مجلس الوزراء على حدّ ما قال في الجلسة السابقة. وقال سليمان: "إنّ الامتناع عن طرح أيّ مشروع على المؤسسات الدستورية أو عدم توقيع أيّ قرار متّخَذ هو مخالفة لروح إتفاق الطائف، ما يجعل البحث في الثغرات والإشكالات أمراً مُلحّاً"، مؤكدا على ضرورة "قوننة" هذا الزواج.

في المحصّلة، لا أحد يملك الحق الكامل في الرفض أو القبول بهذا المشروع في غياب تهيئة الأجواء والنفوس وإيجاد التشريعات الضامنة لما قد ينتج من تطبيق الزواج المدني تطبيقاً مغايراً للأعراف المعمول بها في الدول التي درجت على تطبيقه بشكل سليم ومتكامل في المنطق والحق.

السابق
لا الأميركي حائر ولا الروسي محيِّر
التالي
القوات الفرنسية تهاجم آخر معاقل المتشددين