الحريري وبيت الطاعة الباريسي


يبدو أنّ كلّ محاولات قيادات تيار المستقبل في بيروت رأب الصدع داخل قوى» 14 آذار»على خلفية الخلافات على قانون الانتخابات النيابية لم تنجح، بعد موقف الحزبين المسيحيين الرئيسيين في هذه القوى (الكتائب والقوات) المتبني لمشروع قانون اللقاء الأرثوذكسي، الأمر الذي اضطر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى طلب هذه القوى الى «بيت الطاعة الباريسي».
في المشهد العام، لا يبدو أنّ هناك الكثير من الأمور التي تُطرح في الاجتماعات التي تعقد في العاصمة الفرنسية بين أركان قوى الرابع عشر من آذار، فالبند الوحيد على طاولة البحث هو مشروع قانون الانتخابات، ولا سيّما بعد موقف كل من حزب «الكتائب» و»القوات»، فبرأي الحريري من غير الوارد أن يخرج أحد عن رأي تيار المستقبل الذي أكد رفضه لهذا المشروع بالمطلق.
كما أنّ المطلوب من «شركاء» الحريري في المعارضة أمر واحد أيضاً، وهو الالتزام بالمبادرة التي سيطرحها غداً عبر مقابلة تلفزيونية على شاشة «المؤسسة اللبنانية للارسال» في هذا الإطار، والتي تشير التسريبات التي الى أنها لن تكون سوى سعي نحو مماطلة تؤدي الى الوصول الى الاستحقاق النيابي من دون الوصول الى قانون جديد، والتمسك في ما بعد باجراء الانتخابات في موعدها الدستوري تحت ضغط العديد من العواصم الدولية، ما يعني السعي الى إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين الذي يراهن تيار المستقبل على عودته الى السلطة من خلاله.
وتشير أوساط متابعة الى أنّ اللهجة التي يتحدّث بها الحريري الى «شركائه» تنطلق على ما يبدو من التهديدات التي أطلقها النائب عن تياره أحمد فتفت عشية اللقاء الذي جمعه مع رئيس «الكتائب» أمين الجميل، حيث لم يتردّد فتفت بالتهديد بفك التحالف مع «القوات» و»الكتائب» في حال تصويتهم الى جانب مشروع اللقاء الارثوذكسي، كما أنه ألمح الى أنّ التيار سيخوض الانتخابات عن المقاعد المسيحية بمرشحين ينتمون اليه، بمعنى أنّ المقاعد المسيحية التي لدى التيار لن يتخلى عنها مهما كان الثمن، وأن من يتمرّد على موقف التيار هو من سيخسر في هذه المعركة، لأنّ هذا المشروع لن يمرّ مهما كان الثمن، وهو ما يعكس أجواء الاجتماعات الخارجية التي تؤكد معظم المعلومات أنها كانت صاخبة جداً.
وتعتبر هذه الأوساط أنّ «الكتائب» و»القوات» يبدوان محرجين الى أبعد الحدود بسبب موقفهما هذا، الأمر الذي سينعكس بكل تأكيد على وضعهما الانتخابي، في حال تخليهما عن دعمهما للمشروع الذي يحظى بدعم شعبي كبير في أوساطهما الشعبية، فهما غير قادرين على رفض مشروع يعطي المسيحيين القدرة على اختيار جميع نوابهم بأصواتهم الذاتية، وهم يستذكرون في هذا الإطار كيف أنّ رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون خاض الانتخابات النيابية في العام 2005 تحت عنوان الدفاع عن حقوق المسيحيين، وتمكن من الحصول على أكثر من 70 بالمئة من أصواتهم، ويتخوفون من تكرار هذه التجربة في الانتخابات المقبلة، لا سيّما أن عون استطاع أن يقنع حلفاءه بتأييد هذا المشروع، لا بل أن معظهم أعلن ذلك بشكل واضح وعلني، وأكده من خلال الممارسة في اجتماعات اللجنة النيابية الفرعية التي تبحث في الموضوع.
وتلفت الأوساط نفسها الى أنّ جميع الأمور متروكة الى ما بعد مواقف الحريري التي سيطلقها في لقائه التلفزيوني المرتقب حيث ستظهر المواقف تباعاً منها، وترى أن وضع «الكتائب» و»القوات» لن يكون على أحسن حال في حال تخليهما حتى عن مقعد نيابي واحد فقط، لأنّ ذلك سيفسّر على أنه رضوخ للتهديدات الحريرية، وتفريط بالحقوق المسيحية التي يعتبرها جمهورهما مقدسة، وتشير الى أنّ الاسئلة التي سيبدأ الحديث عنها في حال رضوخهما هي عن الثمن الذي حصلا عليه مقابل ذلك، وإنْ كان التعويض عبر مقاعد نيابية مضمونة إضافية يستأهل التفريط بإجماع مسيحي قلّ نظيره في السنوات الماضية، وما ستكون نتيجة ذلك على رصيدهما الشعبي، لا سيّما أن التيار الوطني الحر لن يفرّط بهذه الورقة للهجوم على خصومه.

السابق
14 شباط بلا جماهير
التالي
سليمان في الكويت للمشاركة في مؤتمر الدول المانحة للاجئين السوريين