ميقاتي يتعب الخصوم.. والحلفاء!


في 25 كانون الثاني من العام 2011 صدر مرسوم تكليف الرئيس نجيب ميقاتي برئاسة الحكومة، بعدما أطاحت المعارضة آنذاك حكومة الرئيس سعد الحريري باستقالة أكثرية وزرائها.
في حينه، شهدت طرابلس يوم غضب دعا إليه «تيار المستقبل» تحت شعار أن ميقاتي «خرج عن الثوابت السنية»، وقرر «أن يترأس حكومة حزب الله والنظام السوري». اندفع «الزرق» الذين وفدوا من خارج المدينة في التعبير عن غضبهم باستهداف وسائل الاعلام ومكتب الخدمات التابع للوزير محمد الصفدي، ومحاولة تهديد بعض مكاتب «جمعية العزم والسعادة» الاجتماعية التابعة لميقاتي، ما دفع بالرئيس سعد الحريري الى توجيه اعتذار الى أهالي طرابلس عن الآثار السلبية التي لحقت بهم وبممتلكاتهم وبصورة مدينتهم جراء تهور بعض أنصاره.
غير ان مفاعيل «يوم الغضب» بشعاراته التحريضية سياسيا ومذهبيا، لم تنته عند ذلك الحد، بل أسست في السنتين الماضيتين الى توترات أمنية كبرى عانت منها طرابلس الأمرين، خصوصا بعدما حولتها المعارضة الى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات مع «حزب الله» وسلاحه والى حديقة خلفية لدعم المعارضة المسلحة في سوريا.
هذا الواقع أدى فضلاً عن انفلات الامن في العاصمة الثانية، الى ازدياد واقع البؤس الاقتصادي والاجتماعي والى تنامي حالات التطرف التي استفادت من بيئة معينة في المدينة، والى انتشار السلاح بين أيدي المواطنين بشكل أفقي، والى تعطيل دور الأجهزة الأمنية، والى ارتفاع عدد جولات العنف بين التبانة وجبل محسن (9 جولات في سنتين) وصولا الى خروج السلاح عن إطاره التقليدي ليهدد أبناء طرابلس عموما، وليضرب هيبة الدولة بكاملها باستهدافه مؤخراً موكب فيصل كرامي، وانتهاء بالخوف الذي يجتاح العاصمة الثانية اليوم من السلاح الذي يضع المدينة على فوهة بركان قد ينفجر في أي لحظة.
وعلى مدى سنتين، ثمة من قدم أكثر من نصيحة للمعارضة وعلى رأسها «تيار المستقبل»، بأن هذا السلوك المتبع في طرابلس لن يؤدي الى إسقاط الحكومة ولا الاطاحة برئيسها بل سيؤدي الى إسقاط المدينة في آتون فوضى السلاح.
وإذا كان أبناء طرابلس قد شاركوا بخجل في «يوم الغضب»، وسارعوا الى الخروج من ساحة عبد الحميد كرامي مع انطلاق أعمال التخريب، فإن مشاركتهم جاءت شبه معدومة في كل التحركات التي نفذتها المعارضة على مدى السنتين الماضيتين سواء في مهرجان «ربيع الحرية.. خريف السلاح» أو بالاعتصامات والتظاهرات الداعمة للمعارضة السورية، وصولاً الى ذكرى أربعين اللواء الشهيد وسام الحسن، وذلك في رسالة طرابلسية واضحة لمن يعنيهم الأمر مفادها رفـض إضعاف الموقع السني الأول (ابن طرابلس نجيب ميقاتي) ورفض الانزلاق الى الفتنة من أي نوع كانت انطلاقا من طرابلس، وكذلك رفض استيراد الأزمة السورية الى المدينة.
ماذا تغير منذ سنتين حتى اليوم؟
لا شك في أن سلوك ميقاتي في السلطة منذ تشكيل الحكومة، وخاصة سياسة النفس الطويل قد أتعب خصومه، كما أن نجاحه في إعادة طرابلس الى ثنائية رئاسة الحكومة وتأكيده من خلال أدائه أن هناك من يستطيع أن يقيم في السرايا الكبيرة وأن يحكم منها غير سعد الحريري أو فؤاد السنيورة أو من يسميه «تيار المستقبل»، وأن هناك من هو قادر على اخذ بركة المجتمع الدولي ودعمه فضلاً عن نجاحه في تمويل المحكمة الدولية لسنتين متتاليتين، وحمايته الكاملة للموظفين السنة في الادارة اللبنانية، وتجنيبه لبنان قدر المستطاع الوقوع في التوترات الأمنية من خلال سياسة النأي بالنفس التي باتت مضرب مثل دولي وعربي، وانتزاعه من «حزب الله» ما لم يكن الحريري والسنيورة مجتمعين قادرين على انتزاعه، حتى صح القول فيه انه كان متعباً لخصومه وحلفائه.
المؤسف بالنسبة لأبناء طرابلس بعد مرور سنتين على تكليف ميقاتي هو عدم وصول قطار الانماء الموعود الى مدينتهم، وإذا كان البعض يتفهم العرقلة المتعمدة لأي مشروع يمكن أن يحصل في المدينة من خلال عدم إفساح المجال أمام الفيحاء لأن تلتقط أنفاسها بفعل التوترات الأمنية المتلاحقة والقلاقل اليومية التي باتت تجتاح كل المناطق الطرابلسية بفعل انتشار ظاهرة السلاح، فإن البعض الآخر ما يزال ينتظر إعادة طرابلس الى خارطة الدولة من خلال التعيينات الادارية، وأن يترجم مبلغ المئة مليون دولار مشاريع إنتاجية وخدماتية وتنموية.

السابق
واشنطن: المعلومات عن انفجار في موقع نووي في ايران غير جديرة بالثقة
التالي
الثورة أو “النصرة”