لـن نسكت بعد الآن!

ست طوائف لبنانية، مسيحية، تمثّل أكثر من ستين ألف ناخب (لا يصوّت منهم أكثر من 20 في المئة أي حوالي 12 ألف مقترع)، تعتبر نفسها فاقدة للهوية النيابية. لا بل مكتومة القيد النيابي. لا يعنيها الـ128 مشرّعا الموزعين على الـ18 طائفة، بكل تلاوينها المذهبية والسياسية. تريد كغيرها من العائلات الروحية، ممثلين لها، يجالسون زملاءهم تحت قبّة البرلمان.
سريان أرثوذكس، سريان كاثوليك، أشوريون، كلدان، لاتين، وأقباط، تفرّقهم الجغرافيا (يتوزّع معظمهم بين المتن، زحلة والأشرفية)، وتجمعهم قضية واحدة: المطالبة بحصّتهم من المقاعد النيابية. مطلب ليس بجديد على أبناء هذه الطوائف الذين يشكون حرماناً وإجحافاً مزمناً يبدأ بالتمثيل النيابي ولا ينتهي بالمناصب الإدارية… ويجعل منهم أقليات سياسية ومذهبية. توصيف ارتضاه هؤلاء لأنفسهم، وإن لا ينكرون أنّه تعبير موروث من السلطنة العثمانية التي كانت تلقّب كل الطوائف غير الإسلامية السنيّة، بلقب أقليات… ولكن يحذرون بقية الطوائف المسيحية من أن تلحق بهم في «المصير الأقلوي».
اليوم، ثمة فرصة جديدة تلوح أمامهم. كلّ فذلكة القانون الانتخابي وفلسفته صارت على المشرحة ومعرّضة للانقلاب على ذاتها. إذاً فليكن عدد مقاعد البرلمان اللبناني، موضع تغيير أيضاً. في العنوان العريض، الطوائف الست متفقة على مبدأ المطالبة بثلاثة مقاعد نيابية تمثّل هذه المجموعات. في التفصيل يغرق النقاش في هوية تلك المقاعد.
يتبيّن حتى الآن، أنّه ثمة أكثر من سيناريو متداول بين أبناء الطوائف الست، يقضي الأول بتسمية ثلاثة مقاعد نيابية تمنح للأقليات من دون تحديد هوية كل مقعد، ويترك التنافس للأرض. ويقول الثاني بمنح مقعدين للسريان الأرثوذكس والكاثوليك، ويترك المقعد الثالث للطوائف الأربعة المتبقية.
هذه الأفكار ليست غريبة على أعضاء لجنة التواصل النيابي التي تناقش قانون الانتخابات. استحضر نواب اللجنة أكثر من طرح إلى طاولتهم في موازاة «عراكهم» اليومي حول شكل الدوائر الانتخابية والنظام الانتخابي. النائب سامي الجميل اقترح زيادة نائبين إلى عديد المجلس، واحد للسريان وآخر للدروز، لكن المشروع اصطدم بالخلل في التوازن الكاثوليكي ـ الدرزي. النائب نبيل دو فريج عرض زيادة مقعدين للسريان وواحد للسنة وآخر للشيعة، لكنّ الفكرة اصطدمت بدورها بالخلل في التمثيل الماروني. النائب هاكوب بقرادونيان اقترح زيادة ستة نواب: 2 للسريان، واحد للروم الكاثوليك، واحد سني، واحد شيعي، وواحد درزي.
بالمبدأ نال الاقتراح موافقة معظم أعضاء اللجنة، ولكن يُقال إنّ النائب جورج عدوان سجّل اعتراضه عليه (يأخذ عليه بعض أبناء الطوائف الست أنّه هو أيضاً وقف في الدوحة بوجه نقل مقعد الأقليات من الدائرة الثالثة في بيروت إلى الدائرة الأولى)، لكنه عاد وصحّح «إعلامياً» ما قاله في اجتماع اللجنة. كما يتردد أنّ «حزب الله» اعتبر أن قانون الانتخابات يكفيه من ألغام يفترض أن يفكفكها في أسرع وقت، من دون أن يبدي اعتراضه على الطرح.
كلّ هذه الهواجس والمداولات كانت بالأمس مدار ندوة استضافتها الرابطة السريانية في مقرّها، بمشاركة النواب الان عون، هاكوب بقرادونيان، وايلي ماروني، بحضور ممثلين عن الطوائف الست، التي انتهت بخلاصة واضحة، عبّر عنها رئيس الرابطة حبيب افرام، الذي قال إنّ أبناء هذه الطوائف لن يسكتوا بعد الآن وسيلجأون إلى التصعيد. وفي حال تجاوزت تعديلات قانون الانتخابات، مطلبهم الملحّ، فسيتبرّأون من كل أصدقائهم السياسيين، ولن يعتبروا انفسهم معنيين بمقعد «مخطوف» إلى دائرة انتخابية لا تمثلهم.
وكان بقرادوني أشار إلى أن اقتراح «اللقاء الأرثوكسي» ليس القانون الأمثل، لكنه ممر إلزامي لحين إلغاء الطائفية السياسية من باب تحقيق التمثيل الصحيح للطوائف المسيحية كما المسلمة. بدوره اعتبر النائب ماروني أن حزب «الكتائب» منفتح على أي اقتراح من شأنه تأمين التمثيل الصحيح للأقليات. أما النائب عون فأكد أن المواعيد الدستورية ليست أقدس من حقوق المسيحيين.

السابق
إشكال بين مواطن ودورية لـ”اليونيفيل”
التالي
تحذير من الوشم.. يرفع نسبة الإصابة بـالكبد الوبائي