هل يتخلّى الحريري عن جنبلاط؟

لم ينس رئيس الحكومة السابق سعد الحريري حتى الآن يوم 25 كانون الثاني 2011 حين قرّر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط تنفيذ «لحظة الانقلاب التاريخي» التي قلب من خلالها زعيم المختارة موازين القوى الداخلية حين تخلّى عن حلفائه وأفسح في المجال أمام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتأليف حكومته الجديدة، بعد أن نال 68 صوتاً في مقابل 60 صوتاً للحريري».
العلاقة بين الحريري وجنبلاط تبدأ في لبنان ولا تنتهي في الرياض

حجّة تكليف وليد "بيك" الرئيس ميقاتي في تلك اللحظة هي الحفاظ على الأمن والاستقرار، هذه الذريعة التي لم تقنع سعد الحريري ولا فريقه السياسي حتى الان، خصوصاً أن الحريري نجح في استعادة زمام الأمور واستطاع تجنيب البلد الفوضى والاقتتال المذهبي-الطائفي عشيّة اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، علماً أنّ عملية اغتياله شكّلت انتقال لبنان من مرحلة الأمن والاستقرار الى مرحلة الاغتيالات السياسيّة وتصفية الحسابات.

ولم يكتف النائب جنبلاط عند هذا الحدّ، بل رفض الاستقالة من الحكومة بعد اغتيال الشهيد وسام الحسن بحجّة "لن أترك البلد في فراغ"، ما جعل علاقة المستقبل-الاشتراكي في دائرة "البرودة المضاعفة"، ودفع العديد من الوسطاء الى الدخول على خطّ التهدئة، خصوصاً عندما اشتدت حدّة التباين بين الطرفين على خلفية التعاطي الجنبلاطي مع اغتيال الحسن، على حدّ قول مصادر مقرّبة من الرئيس الحريري، بحيث أنّ الاتصالات التي جرت عبر الرئيس فؤاد السنيورة والنائب احمد فتفت مع جنبلاط لم تصل الى أي نتيجة مرجوّة جرّاء تمَسك جنبلاط بالتحالف مع الرئيس ميقاتي، وهذا ما زاد في غضب الحريري الذي يعتبر ان ميقاتي هو "الخصم الاول" لتيار المستقبل و14 آذار.

وعلى رغم أن وليد "بيك" ما زال يشكّل "بيضة القبّان" في الانتخابات النيابية المقبلة، يحاول تيّار المستقبل اليوم خلق حالة من التوازن على قاعدة "إعادة تذكير" جنبلاط بوَزن الكتلة السنّية الناخبة، خصوصاً في إقليم الخروب، بحيث أنّه لن يكون مرتاحاً في أي معركة انتخابية اذا لم يحظ برضى قوى "14 آذار" المختلفة في "الجبل".

وفي موازاة ما تقدّم، يدرس الرئيس الحريري حساباته الانتخابية بدقة وحكمة، وذلك بناء على نصائح المملكة العربية السعودية، وبالتحديد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي يتولّى شخصياً ملف فتح أيّ نافذة في العلاقة بين الحريري وجنبلاط، واستطراداً بين جنبلاط والرياض.

وبالتالي، يحاول الحريري، في حال لم يحصل أيّ تقارب بين الطرفين، أن يبني استراتيجيته الانتخابية على قاعدة الطلاق مع جنبلاط انتخابياً في هذه الدورة. وما يعزّز هذه القناعة الراسخة لدى الحريري قدرته على الفوز بـ 66 نائباً على أساس قانون 1960 والحصول على الاكثرية من دون جنبلاط، وبالتالي العودة السياسيّة الى لبنان.

ومن هذا المنطلق يرجّح أن تشهد الانتخابات النيابية المقبلة "حلفاً رباعياً"، ولكن هذه المرّة سيكون مناقضاً للحلف الرباعي في العام 2005، أي عبر تحالف انتخابي بين "حزب الله" وأمل وجنبلاط وعون ضد 14 آذار وسعد الحريري.

وفي ظلّ هذه الاجواء المشحونة فإنّ معركة الشوف هي التي ستحدد مصير الاكثرية النيابية. والسبب في ذلك مردّه لـ"الموزاييك" الطائفي داخل هذه المنطقة، بحيث أن هناك توازناً دقيقاً جداً في الشوف بين السنّة والمسيحيين والدروز، فضلاً عن أن دائرة الشوف تضمّ 8 نواب، الأمر الذي يحوّلها إلى الدائرة الحاسمة.

وفي حال بقيت حال الجفاء بين الطرفين، فإنّ الحسابات الحالية والمستقبليّة تبدو مختلفة كليّاً، خصوصاً في حال تبدّلت التحالفات بين الحريري وجنبلاط نتيجة عدم تخطّي السعودية والحريري لحظة "الانقلاب الجنبلاطي"، ما يضع العلاقة بين الطرفين في خانة القطيعة.

وعلى هذا الأساس، يمكن استنتاج أو رسم المشهد الانتخابي التالي:

– الدروز بأكثريتهم الى جانب زعيمهم مع تسجيل تقدّم ملحوظ للوزير وئام وهّاب في غالبية القرى الشوفية الدرزية.

– السنّة الناخبون بأكثريتهم الى جانب الرئيس سعد الحريري.

– القوات اللبنانية تمتلك تأييداً واسعاً في الشوف، وهذا التأييد سيترجم دعماً للائحة 14 آذار.

وعليه، يمكن الاستنتاج بأن مصير الأغلبية والأقلية ستحدده طبيعة العلاقة بين الحريري وجنبلاط، بمعنى أن دائرة "الشوف" ستتحول إلى مصيرية وحاسمة في آن معاً.

السابق
دعم مبادرة الأسد والانتخابات محاور خطاب نصر الله الجمعة
التالي
الجمهورية: حزب الله يعوّل على دور بري “الطبّاخ الماهر”