قانونٌ… للتأجيل؟

المشهد مثير للضحك الممزوج بالبكاء، والمطعَّم بالاستغراب والدهشة حتى السخرية. إنه موسم الانتخابات الذي يذكّر سلاطين الساحة بالمواطن – الناخب، وبالمطالب والحقوق النائمة في أدراج وزراء انتخبهم هذا المواطن الناخب نفسه…
إنه موسم العجائب والغرائب أيضاً.
فجأة اكتشفوا أن ثمة حقوقاً للناس، وثمة واجبات أهملها مَنْ يُفترض أنهم ممثلوهم.
وها هم يجمّعون كاميرات المرئي والمقروء ليعلنوا تضامنهم مع الناس الذين نسوهم طوال ما يقارب السنوات الأربع، وينشرون سنسفيل الحكومة التي يشكّلون ثلثها ويمونون على الوزارات والحقائب التي تبيض ذهباً من عيار أربعة وعشرين قيراطاً. وبمئات الملايين. وبكل شراسة و"شجاعة" و"فراسة" يعلنون أنهم لن يسلموا المال إلى مالية الدولة… بل سيوزعونه على "المستحقّين".
أحدهم لم يتورّع أمس، وهو يزمجر ويهمدر، عن السؤال أين الحكومة، أين المسؤولون، أين الذين وعدوا أهل هذه المنطقة بالطرق والأوتوسترادات، ووضعوا أيديهم على الأملاك العامة؟
ما علينا، ما هذا النموذج إلا جزء بسيط من المسرحيّات الثقيلة الظل التي ستكتسح لبنان في الأيام المقبلة، من الناقورة إلى النهر الكبير.
إنما ليست هذه الأهزوجات اللزجة هي ما يشغل بال اللبنانيين ويقلقهم. ولا قانون الانتخاب ومضمونه وتوزيعاته، على أهميته. ولا المزايدات الممجوجة التي بدأ المسرح السياسي يعرضها هنا وهناك.
ما يشغل ويقلق هو هذا الغموض الذي يكتنف الأجواء اللبنانية عامة، والتصريحات "الانتخابية" بصورة خاصة.
كل هذه الحوارات الطائرة، ومعها الاقتراحات والمشاريع المرفوضة سلفاً، لا تجيب عن السؤال الأساسي:
هل تجري الانتخابات النيابية في موعدها الدستوري، أم أن التأجيل ينتظرها على هذا الكوع أو ذاك، ولأسباب وذرائع لا علاقة لها بالحقيقة وبالقانون الذي لم يتمّ الاتفاق عليه، ولم تتوصّل اللجان الفرعية، واللجان الأصيلة، واللجان المساعدة، ومعها الصياغات والأفكار الداعمة، إلى نص يرضي الجميع… استجابة لرغبة الرئيس ميشال سليمان والرئيس نبيه بري؟
لا قانون الستين له حظ أو مطرح. ولا النسبيّة استطاعت أن تجذب الأكثرية المناسبة. ولا مشروع قانون بطرس. ولا مشروع قانون الحكومة، ولا فكرة دمج خير هذا بشرّ ذاك فإذا الله قد عفا.
إذاً، في المسألة "إنّ". والاتجاه المعلن والمضمر، كما المعارضة والموالاة، يؤشّر بشكل واضح للتأجيل.
أما العقلاء والمتبصّرون، فإنهم "يربطون" مصير الانتخابات النيابية، وسواها، بما ستؤول إليه التطورات في سوريا.
وما تبقّى ليس إلا من باب ذر الرماد في الأعين.

السابق
موسكو لا تستبعد إجراء اتصالات جديدة مع المعارضة السورية
التالي
إعلاميون ضد العنف تدين الحملة المسعورة على مي شدياق