من خطاب التنصيب الى تحديات الولاية الثانية

خطاب الرئيس باراك أوباما في حفل تنصيبه لولاية ثانية بليغ كالعادة، ونابض بالحسّ الانساني والتركيز على القيم في استعادة للغة الآباء المؤسسين وتعبير نحن الشعب. لكنه موعظة أمام كونغرس منقسم في بلد منقسم يواجه أزمة مالية واقتصادية وأزمة دور امبراطوري وصراعاً يوصف بأنه ايديولوجي بعد قرن من حرب أميركا على الايديولوجيات في أوروبا. حتى الرمزية في قسم اليمين على نسختين من الانجيل، واحدة للرئيس ابراهام لينكولن وأخرى للقس مارتن لوثر كينغ، فانها محاولة لصدّ الموجة الجديدة من الانقسام. وهو انقسام يرى المؤرخون انه الأسوأ منذ السنوات الأولى بعد الحرب الأهلية، كما يقول فريد زكريا.
ولم يكن من المتوقع ان يعرض أوباما برنامجا أو خطوطا سياسية. فهو أنهى الولاية الأولى من دون أن يحدّد مبدأ أوباما على طريقة عدد من أسلافه. كان رأسماله انه ضد سياسة بوش الابن والمحافظين الجدد: انهاء حقبة الحروب، والمشاركة الدولية في المسؤوليات وتقليل الكره لأميركا في العالم. وهذا، على أهميته مجرد عنوان لاستراتيجية لم تكتمل.

لا بل ان الخبراء في أميركا والعالم كانوا ولا يزالون يسألون، من دون جواب قاطع، ان كان دور أوباما ترتيب الانحدار الهادئ لأميركا أم شق الطريق من جديد الى الصعود.
ذلك ان أوباما يبدأ الولاية الثانية، وأمامه تقرير مجلس الاستخبارات الوطني تحت عنوان اتجاهات كونية ٢٠٣٠. وحسب التقرير، فان الصين ستسبق أميركا في القوة الاقتصادية، ولكن لا أميركا، ولا الصين، ولا روسيا، ستكون قوة مهيمنة. فما انتهى هو القطبية الآحادية. وأميركا ستبقى الأول بين متساوين.
حتى المحور الذي أعطاه أوباما الأولوية القصوى في الاستراتيجية، وهو المحيط الهادئ، فانه لن يمنع الأحداث في الشرق الأوسط من أن تقتحم البيت الأبيض. فالتحديات كبيرة في حرب سوريا، والصراع مع ايران على الملف النووي والنفوذ في المنطقة، واللعبة مع الروس، والتفاهم مع الإخوان المسلمين في بلدان الربيع العربي، والصراع العربي – الاسرائيلي بالطبع. والقيادة من المقعد الخلفي التي فرضتها الاهتمامات الداخلية ليست جوابا.
ولعل البروفسور برجنسكي مستشار الأمن القومي أيام الرئيس كارتر وضع الإصبع على الجرح في مطالبة أوباما بشيء أساسي وبسيط: استعادة الوزن للسلطة وصوت الرئيس. فالتعامل مع القادة وخصوصا مع نتنياهو، يحتاج الى الالتزام والصدقية معاً وسياسة أميركا في الصراع العربي – الاسرائيلي خلال ثلاثة عقود، كما يراها برجنسكي، هي إما جدية ولكن جبانة، وإما قلبية ومتشائمة.

السابق
مروان حمادة: انشر إفادتك 
التالي
رؤية عربية ودولية لحلّ سياسي