الانتخابات بين الاوهام والوعود

هناك استحقاقات ومستحقات على اجندة المواعيد السياسية والاقتصادية والتربوية والحياتية والمعيشية غير الانتخابات النيابية، ومع ذلك فإن هذا الاستحقاق يبدو وكأنه الوحيد الذي لا يجاريه أحدٌ في الاهتمام، ولكن مع كل هذا الاهتمام فإنه ما زال متعثرا، ولا أحد من اللبنانيين يُصدِّق ان هناك قانوناً سيُبصِر النور قبل موعد هذا الاستحقاق في التاسع من حزيران المقبل، اي بعد أربعة اشهر ونصف الشهر فقط، لأنه لو خُصِّصَت كل هذه المدة للقانون الجديد لَما كانت كافية، فكيف إذا كانت هذه المدة حافلة بالكثير من الملفات والقضايا وبعضها يوازي الانتخابات في أهميته إذا لم يكن يُضاهيه.

في الاساس ، الاسبوع الذي نحن في بدايته يُعتبَر أسبوعاً مهدوراً وسيُضاف إلى الاسابيع الهالكة، فلا نشاط رئاسياً بارزاً سيُسجَّل في الداخل حيث أن رئيس الجمهورية في موسكو فيما رئيس الحكومة في الرياض، وما إنْ يعودا حتى يكون إضراب هيئة التنسيق النقابية المقرر بعد غد الاربعاء في وجههما ليُعيد فتح أحد أعقد الملفات المالية والاقتصادية والمعيشية، وهو ملف سلسلة الرتب والرواتب، لكنه لن يُفتَح على حل بل على أزمة جديدة حيث لا قدرة للحكومة على تأمين مصادر تمويل له، ومع ذلك فقد يكون إضراب بعد غد الاربعاء فاتحة إضرابات يُعرَف متى تبدأ لكن لا يُعرَف متى تنتهي في غياب أي مؤشر إلى ان هذا الملف سيجد طريقه إلى الحل.

بعد هذا الملف سيجد لبنان نفسه في مرحلة التحضير لذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وهي تحل بعد ثلاثة أسابيع، وقد تكون حافلة بإطلالات للرئيس سعد الحريري، ووفق هذه الإطلالات سيتوضَّح المسار الذي سيسير عليه تيار المستقبل واستطراداً قوى 14 آذار بالنسبة إلى الاستحقاق الانتخابي.

أما الحدث الاكبر فسيكون في مثل هذه الايام بعد شهرين، موعد بدء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، لبداية هذه المحكمة تداعيات على الوضع اللبناني، ففي تلك المرحلة مَن سيكون مهتماً بالانتخابات النيابية؟

إضافةً إلى هذه الاستحقاقات فإن العقدة الاساسية التي ترفع من منسوب تأجيل الانتخابات تقنياً، هي عدم القدرة على التوصل إلى قانون يحظى بالتوافق إنطلاقاً من هذا السيل من العقد:

عقدة التوفيق بين الاكثري والنسبي في ظل الانقسام الحاصل بين مَن يريد قانوناً على أساس النسبية ومَن يريده وفق النظام الاكثري.
عقدة التوفيق بين الدوائر الكبرى والدوائر الصغرى.
عقدة السير في القانون الارثوذكسي ورفضه في ظل اتساع دائرة معارضيه.

بين هذا الكَم من العقد يبقى قانون الستين هو المتقدِّم وإنْ لم يجرؤ كثيرون على إعلان ذلك، وعندها ماذا سيفعل الاقطاب الذين أوهموا جمهورهم بوعد الارثوذكسي؟

السابق
الانتخابات كمدخل للحرب الأهلية
التالي
ما لم يقل عن اعتماد الأرثوذكسي