لماذا يلتزم حزب الله الصمت المطبق؟

رسَم مصدر مسيحي في قوى «14 آذار» المشهد السياسي الحالي كالآتي: صمت مطبق ولافت يلتزمه «حزب الله» منذ الشروع في ورشة صوغ مشروع قانون انتخابي لم يأتِ من العدم، إنما كان نتيجة تراكم في المواقف وترابط فعلي بين واقع «حزب الله» المأزوم وما يجري في الداخل السوري.

ففي العام 2005 وبعد خروج الجيش السوري من لبنان تمكن الحزب من إحداث خرق كبير في الوسط المسيحي من خلال العلاقة الترابطية التي نسجها مع "التيار الوطني الحرّ" والتي بُنيت على مصلحة تبادلية بين الفريقين تمثّلت بالآتي:

ـ "حزب الله" الذي فقد بالخروج السوري من لبنان ركيزة أساسية ورافعة أمّنت له الغطاء لسلاحه، قد وجد ضالته في "التيار العوني" الذي كان "البدل عن ضائع"، حيث أمّن عون للحزب تغطية مسيحية شاملة. في المقابل قدّم "حزب الله" لعون، كتلة نيابية لم يشهد تاريخ لبنان أن عرف مثلها أحد القادة المسيحيين، ناهيك عن دعم كل مواقف عون بلا تحفظ، ومنها، على سبيل المثال لا الحصر، الوقوف إلى جانبه في تشكيل كل الحكومات بحيث قدّم الحزب مصلحة عون على ما عداها من مصالح أخرى، من دون أن ننسى في هذا المجال المدّ المالي الذي حظي به عون عبر إيران وغيرها.

أما اليوم، يضيف المصدر المسيحي، وبعد التطورات السورية وقد بات الرئيس بشار الأسد على "قاب قوسين أو أدنى من السقوط"، فقد اتجه الحزب نحو تكريس المعادلة الآتية: طالما أن قوى 14 آذار لم تتمكن من لبننة الحزب، عمل من جهته على جعل الآخرين يشبهونه من خلال دعم قانون اللقاء الأرثوذكسي، وبذلك نصل إلى مرحلة يصبح كل لبنان على طريقة "حزب الله"، فتتجه كل الطوائف الى التقوقع والإنزواء.

وإنطلاقاً من هذه المعطيات شرع "حزب الله" ومن معه من أروقة الإستخبارات السورية لتحضير "المصيدة" أو "الفخ" الذي ستقع فيه 14 آذار، ولم تجد أفضل من مشروع قانون إنتخابي يقوم على الإثارة الطائفية والمذهبية، وبات ترويجه بنحو فيه من الدهاء ما يكفي لمنع أيّ فريق مسيحي من الوقوف في وجهه، وإلّا اعتُبر من "الخوارج" عن الإرادة الشعبية المسيحية.

وقع الإختيار على مجموعة تكودرت حول لقاء سمّوه "اللقاء الأرثوذكسي" لتطلّ على المسيحيين بمشروع قانون لا يمكن لأي مواطن عادي إلّا أن ينجرّ وراءه على قاعدة أنه "آن الأوان للمسيحيين لكي ينتخبوا ممثليهم المسيحيين من دون أي شراكة من أحد"، وفي اعتبار من يقف وراء هذا المشروع يعلم باليقين وبالملموس أن تيار "المستقبل" تمادى لسنوات طويلة في التحكّم بالمقاعد المسيحية، الأمر الذي ساهم بنحو غير مباشر في التسويق لهذا المشروع.

ويضيف المصدر المسيحي أن رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع الذي يمثّل القوة المسيحية الأكثر تأثيراً في فريق 14 آذار، وُضع بين فكي كماشة، فمن جهة لا يمكنه أن يسير في عكس هذه الدعاية المسيحية، وإن فعل فإنه سيكون كمن يقدم هدية مجانية لعون، وبالتالي مساهمته في إحداث تسونامي جديد تماماً كما حصل في العام 2005 على قاعدة "بدعة" الحلف الرباعي الذي أمّن لعون يومذاك ما يربو على 70% من أصوات المسيحيين، عندئذٍ قرّر جعجع السير قدماً في المشروع من دون أي تشكيك أو التباس عبر إقتناعه بأن التعطيل وإن حصل فليكن على يد سواه، وبذلك يحرم عون متعة تحقيق مكسب إضافي.

ويختم المصدر المسيحي مبدياً خوفه وقلقه من مؤامرة مؤداها "حرب إلغاء جديدة" تطاول "القوات اللبنانية" ورئيسها في حال لم يعد ظهرها محمياً بحلفاء محلّيين وخارجيين وعلى رأسهم تيار "المستقبل" والدول العربية. ويؤكد أن "طابخ السم هو آكله بكل تأكيد" بحيث أن هذا المشروع المسمّى "أورثوذكسي" سيُدفن بأيدي صانعيه.

السابق
جنبلاط: لا بد من الحوار وأي قانون إنتخابي لن يقدم أو يؤخر
التالي
الجزائر تعيد الاسلحة لمواطنيها وترفض تدخل الناتو بتحرير الاسرى