هل يُطيح الأرثوذكسي ثورة الأرز؟

توقفت أوساط سياسية في «14 آذار» عند البلبلة التي تشهدها هذه القوى، في ظل غياب التواصل بين أركانها بعد العاصفة السياسية التي أثارتها موافقة حزبيَ «الكتائب» و«القوات اللبنانية» على المشروع الانتخابي الأرثوذكسي، خصوصاً لجهة حملة إطلاق النار الإعلامية التي استهدفتهما في الأيام العشرة الأخيرة.

واعتبرت هذه الأوساط أنّ الحملة القائمة أقلّ ما يقال فيها إنها جائرة جداً في حق حزبَين قدّما للبنان ولانتفاضة الاستقلال ما لم يقدمه أيّ طرف آخر. فمن جهتها الكتائب قدّمت شهيدَين هما الوزير بيار الجميّل والنائب أنطوان غانم، ومن جهة ثانية كادَ رئيس حزب "القوات" سمير جعجع أن يسقط شهيداً في حديقة منزله في معراب، إضافة إلى نجاة النائب أنطوان زهرا من أكثر من محاولة اغتيال بقيَت طيّ الكتمان.

لكن الأهم يكمن في ما قدّمته "القوات" سياسياً إلى القوى السيادية، وفي طليعتها تيار "المستقبل" في أكثر من محطة، وأهمّها على الإطلاق يومَ خاطَر جعجع بأمنه الشخصي وقصد السراي الحكومي مرّتين للوقوف إلى جانب الرئيس فؤاد السنيورة خلال حوادث 7 أيار 2008، وحين ضحّى في الاستحقاق الانتخابي عام 2009 بترشيح العميد وهبي قاطيشا في عكار والدكتور ريشار قيومجيان في بيروت من أجل الحفاظ على وحدة "14 آذار".

وتسأل هذه المصادر: "أيّهما كان وقعه أسوأ على جمهور "14 آذار"؟ موافقة "القوات" على قانون "اللقاء الأرثوذكسي"؟ أم زيارات الرئيس سعد الحريري الى دمشق ولقاءاته مع الرئيس السوري بشار الأسد ومبيته عنده والسير في الـ "س- س"؟ مما لا شك فيه أن زيارات الحريري الى دمشق أصابت كل جمهور "ثورة الأرز" بإحباط لا يمكن وصفه، ولكن في المقابل وقَفَ جعجع موقفاً شهماً ودعم حليفه في كل الخطوات التي جاءت في إطار تفاهم إقليمي كبير ما لبث أن أطاح النظام السوري به بالتعاون مع "حزب الله".

وحين انتقل رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط سياسياً إلى الضفة الأخرى ونقل الأكثرية النيابية معه إلى قوى "8 آذار" بدءاً من مؤتمر "البوريفاج" في 2 آب 2009، بعد أقل من شهرين على الانتخابات النيابية، وصولاً إلى تسمية الرئيس نجيب ميقاتي في كانون الثاني 2011 بفعل سياسة "القمصان السود" التي مارسها "حزب الله"، عندها حافظ جعجع على كل الخيوط وضبط كل الأوضاع لمنع أيّ هجوم على جنبلاط، حرصاً على التفاهمات داخل "14 آذار"، وكذلك حرصاً منه على وضعية الجبل والعيش المشترك بين مختلف مكوناته.

وتضيف الأوساط أن "سمير جعجع هو من أشد الحريصين على وحدة "14 آذار"، لا بل لطالما شكّل رأس حربتها، تماماً كما حين بادر الى إعلان مقاطعته لطاولة الحوار ورفضه الجلوس مع المتّهمين بعمليات الاغتيال ومحاولات الاغتيال، قبل أن تستلحق كل مكوّنات "14 آذار" نفسها إلى الموقف إياه منعاً لاستنزافها في صوَرٍ غير مجدية".

وتختم الأوساط نفسها بسؤال: "لماذا لم تسلّف بعض القوى داخل "14 آذار" سمير جعجع في موضوع قانون الانتخابات سواء من حيث العمل على تأمين الأكثرية النيابية المطلوبة لقانون الخمسين دائرة، أو من خلال دعمه في موضوع المشروع الأرثوذكسي لتظهير صورة موحّدة لأركان "انتفاضة الاستقلال"، ما كان سيحتّم على الفريق الآخر البحث عن مخارج سريعة للتأييد اللفظي الذي أبدوه للطرح الأرثوذكسي"؟،

لذلك، ترى هذه الأوساط، أن لا بدّ من جلسة مصارحة على مستوى قيادي بين مكوّنات "14 آذار" واتخاذ الخطوات السريعة اللازمة لتأمين توافق على قانون انتخابات، يؤمّن صحة التمثيل ويزيل كل الهواجس المسيحية ويحظى بالأكثرية اللازمة، إضافة الى تحديد معالم المرحلة المقبلة بما يمكّن من مواجهة كل التحديات التي تنتظر "ثورة الأرز" داخلياً وخارجياً.

السابق
النهار: مهلة حتى الإثنين لتعديل صيغة بطرس
التالي
قرية مصمص تتصدى لاستفزازت إسرائيلية