من يُهدّد بري ولماذا؟

تسري شائعات وأخبار من هنا وهناك في البلاد منذ فترة ليست ببعيدة، إضافة الى معلومات تحدثت في حينه عن موجة جديدة من الاغتيالات السياسية والأمنية والإعلامية كان آخرها اغتيال اللواء وسام الحسن ومرافقه في انفجار الأشرفية.

هذه الشائعات كانت تلتها قبل ذلك وبعده سلسلة من التهديدات المباشرة وغير المباشرة لوزراء سابقين ونواب حاليين في فريق 14 آذار، تلقوها عبر رسائل نصية على هواتفهم الخلوية أو الأرضية، إضافة الى أساليب اخرى اعتمدها المهددون، علمت بها الاجهزة الامنية ولم تفصح عنها مع استمرارها الدائم في المراقبة والمتابعة.

وقد تسرب في حينه ايضاً الى وسائل الإعلام معلومات عن تهديد جدي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، وهو الوحيد خارج فريق 14 آذار الذي تلقى هذه التهديدات. وقد تجدّد الكلام أخيراً عن عودة التهديد لبري ما دفعه الى إتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر في تنقلاته على ندرتها.

من يُهدّد بري؟

قد لا يكون من الصعب طبعاً معرفة الجهة الحقيقية المهددة لبري وغيره من القيادات، الّا ان المتابعة الدقيقة للظروف الموضوعية والسياسية المحيطة به من الداخل والخارج تُبرز الآتي:

1 – ان بري يمثل بالنسبة إلى محبيه ومريديه، وإلى غيرهم ايضاً، خط الاعتدال داخل قوى "8 آذار"، والجهة المهددة كائنة من كانت تريد إلغاء هذا الخط والابقاء على خط التشدد تبعاً لمتطلبات المرحلة المقبلة في لبنان والاقليم.

2 – ان مهندسي ومخططي المشروع الأرثوذكسي مثلاً والمطروح (وليس مسوّقوه المحليين) يريدون من هذا القانون في حال أخذ طريقه الى التنفيذ، إيصال البلد الى التطرف وحكم المتطرفين والمتشددين فيه ولو بعد حين، وفي هذا الاطار لا يعود هناك دور للمعتدلين داخل اي طائفة من الطوائف الاساسية المكونة للكيان اللبناني.

وخير دليل على صحة مثل هذا الكلام هو اغتيال الرمز الاساسي الذي كان يمثل الاعتدال السني في البلد، اي الرئيس رفيق الحريري، ثم محاولات إقصاء وابعاد وريثه الشرعي والشعبي والسياسي نجله الرئيس سعد الحريري الممثل لخط الاعتدال نفسه، عن البلاد بالطريقة التي يعرفها جميع اللبنانيين على إختلاف انتماءاتهم.

3 – إن من يهدد بري هي الجهة التي تقوّي وتغذي التشدد في المنطقة وفي لبنان، تحت اسماء متعددة والتي تريد ان تضع هذا البلد داخل أتون حرب طائفية ومذهبية لا تنتهي، بل يجري تعميمها على بقية الدول العربية في حال نجاحها لا سمح الله.

4 – إن من يهدد بري يريد أن يلغي دوره الذي يلعبه كممتص للصدمات عند كل احتقان مذهبي بين السنّة والشيعة، وتحديداً حيث استطاع مع قيادات كبيرة وكثيرة من الطرف الآخر، امتصاص نقمة الشارع في اكثر من مناسبة وقضية على مدى الاعوام السابقة واثبت جدارته في ذلك.

ماذا يُستنتج من هذه الامور؟

البعض يستنتج ان اسرائيل هي وراء هذه التهديات، خصوصاً أن النقاط المُتَحَدَّث عنها تشير في مضمونها إليها بلا شك، واسرائيل يمكنها أن تفعل ما تريد فعله، سواء في لبنان او في العالم العربي تحديداً، من خلال شبكات أو منظمات أو حتى دول عميلة لها، تأخذ في أحيان كثيرة أشكالاً واسماء وصفات متعددة قد لا يعرفها اللبنانيون في جلّهم، لكن المعنيين يدركونها في سرهم.

السابق
الرئيس سليمان: لا ستمرار الحوار بغض النظر عن الموقف من الحكومة
التالي
فرنسا تكمل حربها ضد الارهاب والجزائر الخاسر الاكبر