بكركي…نعم أم لا؟

تترك الموجة الكبيرة للتداعيات التي فجرها مشروع "اللقاء الارثوذكسي" بين مريديه ومعارضيه، خلاصتين شديدتي الاهمية بصرف النظر عن المصير الغامض لمآل هذا المشروع. في الجانب الاول ثمة ما لا يمكن تجاهله في مشهد بكركي المنخرطة بأقوى وجوه الانخراط في صياغة "التفاهم الرباعي" بين اقوياء الموارنة على هذا المشروع.
وفي الجانب الآخر ثمة ما بات يلزم بكركي الخروج من الرمادي الذي تلتزمه حيال المشروع نفسه ما دامت عراب ما كان يعتقد بالامس استحالة في التوفيق بين المسيحيين.
بطبيعة الحال لا يمكن ابدا الزعم بوجود اجماع مسيحي على المشروع، تماما كما لا يمكن الزعم بوجود اي توافق وطني عام على قانون الانتخاب.
ولكن هذا العامل اضحى بدوره عامل ضغط اضافيا لحمل بكركي على مغادرة الغموض، الذي لن تبرره بعد الآن موجبات "الحياد" الظاهري خصوصا بعدما بسطت بكركي جبتها المعنوية الثقيلة على التفاهم الرباعي من خلال الدفع بقوة علنية نحو دفن قانون الستين في موقف "سياسي" موصوف، ومن ثم نجحت في صياغة مشهد جمع اقطاب اساسيين متخاصمين على كل شيء الا على مشروع انتخابي مثير للجدل.
معنى ذلك ان بكركي صارت في موقع المساءلة وتحمّل المسؤولية عن تحديد الوجهة المقبلة لهذا المشروع وعبره لملف قانون الانتخاب كلا بما لا يضيرها ابدا ان هي غادرت بقعة الغموض.
لقد احدثت رعاية بكركي للتفاهم الرباعي حول المشروع معادلة شديدة التوتر والسخونة حين اضحت المعركة الناشبة حوله اشبه بصراع بين حقين: حق تصويب التمثيل المسيحي وتحسينه ولو من طريقة مشروع صادم، وحق رفض اختصار الخيار السياسي وقوقعته بخيار مذهبي.
واسوأ المعادلات واخطرها في لبنان هو الصراع على الحقوق، سواء داخل الطوائف نفسها او بين الطوائف. وثمة ما ينذر ببلوغ مرحلة كهذه بعد الاسبوع الصاخب الذي التمع فيه نجم المشروع الارثوذكسي صعودا وهبوطا عند مشارف مرحلة تقرير مصير الانتخابات وقانونها. ولا نفع مع حالة كهذه لكل حديث عن رهانات او مناورات او مزايدات مسيحية او سنية او شيعية او درزية لتعويم هذا المشروع او دفنه وليدا، ما دامت انطلاقته الحصرية انبعثت من لدن الصرح البطريركي الماروني.
هو امر بات يشكل مسؤولية ملزمة لبكركي للجهر بموقف واضح حياله مهما قيل في ادبيات التجرد والحياد. لو كانت بكركي محايدة لما اتخذت موقفا اصلا حتى من قانون الستين ولما تجرأت على جمع الاضداد وأضحت كلمتها النهائية بـ"نعم" او "لا" بحجم هذه المسؤولية المزدوجة التي تحملتها.

السابق
شمعون بيريس ينفي ضلوع اسرائيل في اغتيال الراحل ياسر عرفات
التالي
إسرائيل تزيل قرية باب الشمس