حل الإبراهيمي يخفف الوطأة عن لبنان

يواصل الموفد العربي والدولي لحل الأزمة السورية الأخضر الابراهيمي مساعيه توصلاً إلى ما يمكن أن يقنع به الطرفان المعارضة السورية والنظام بالدخول في عملية سياسية تؤدي إلى وقف العنف، وهو سيلتقي مسؤولين من الخارجيتين الأميركية والروسية معاً، خلال الأيام المقبلة.
الطرح الذي قدمه الابراهيمي أخيراً، لا سيما لدى زيارته لروسيا حول تشكيل حكومة ائتلافية وطنية تمسك بكل الصلاحيات مع بقاء للرئيس السوري بشار الأسد في السلطة حتى موعد الانتخابات الرئاسية في سنة 2014 المقبلة، لم يوافق عليه الأسد نفسه ولم توافق عليه المعارضة ولا الغرب.
والأسد لم يقبل، ولو قبل، لكان المحيطون به عارضوا هذا الطرح، وفقاً لمصادر ديبلوماسية غربية بارزة. والرفض يعود سببه الى أن ذلك يعني نهاية النظام، وأنه إذا كانت لديه سلطة مطلقة فلماذا يشارك بها أفرقاء آخرين؟. إذ إنه يعتقد أن الوقائع تسير لمصلحته، وأن الدعم الإيراني في مجال السلاح والمال مستمر، والدعم الروسي في مجلس الأمن، حيث يمنع استصدار أي قرار دولي حول النظام، مستمر. وإذا ما استمر هذا الدعم فهذا يعني أن الأسد ليس خائفاً، والمعارضة لا تقبل بأي حل مع استمرار الأسد في السلطة.
وبالتالي، فإن مصير الأسد، وما إذا كان سيبقى أو سيرحل هو عقدة العقد. وهو الأمر الذي حال دون اعتماد وثيقة جنيف في مجلس الأمن الدولي بقرار.
مهمة الابراهيمي صعبة لكنها ليست مستحيلة. وهو يتحدث عن حل سياسي يبقى أفضل من حل عسكري لا يربح فيه أحد، وهناك تخوف من صوملة سوريا. كما يحذّر من تدهور الوضع الأمني وانعكاسات ذلك على المنطقة والعالم.
مهمة الابراهيمي هي في أن يطرح أفكاراً للحل وفي أن يقرّب وجهات النظر بين الأطراف السوريين الذين يمسكون الأرض، وبين الرعاة الإقليميين والدوليين. وسيسعى مجدداً الى تبادل أفكار وبلورتها، ضمن الأطر الممكنة لانتاج الحل، وينطلق في ذلك، من النقاط الست التي وضعها سلفه كوفي أنان، ويُفترض أن يعمل لبلورتها أكثر. وكان الابراهيمي تحدث عن خطة متكاملة لحكومة انتقالية حيادية وعملية انتخابية وحماية أمنية من الأمم المتحدة تصل إلى ما بين 3000 و5000 جندي.
وطالما لدى الابراهيمي تكليف من الأمم المتحدة والجامعة العربية، وطالما أن الأطراف المعنية تستطيع التحدث معه، فهو باقٍ في موقعه ومهمته.
وتصطدم الحلول بوجود أطياف للمعارضة إن كان على مستوى الداخل أو الخارج السوري. وهذا سبب من الأسباب التي لا تساهم في أن يقوم الرعاة الدوليون بأي عمل من أجل الوضع السوري.
الآن ما يقوم به الابراهيمي والأسرة الدولية هو لعب دور مع روسيا لكي تكوّن قناعة بأن الحكومة السورية لا تقوم بدورها في حماية المدنيين.
وإذا لم يصر إلى الاتفاق على مصير الأسد والإطار الزمني لذلك، فستبقى الأمور تراوح مكانها وسط تصاعد الأزمة عسكرياً، وطرف في النزاع بدأ يخسر وآخر بدأ يكسب على الأرض، وهذا ما يفترض ترجمته في المعنى السياسي وإنتاج الحل.
لبنان يشجع الابراهيمي على الاستمرار في محاولاته للحل، وفقاً للمصادر، لأن أي تهدئة أو حل في سوريا من شأنهما أن ينعكسا ايجاباً على الوضع اللبناني، في ضوء التخوف الدولي الدائم من تداعيات الأزمة السورية على لبنان خصوصاً من الناحية الأمنية. فهناك الوضع على الحدود اللبنانية ـ السورية الذي يتأثر بالموضوع السوري، وكذلك الوضع في طرابلس ولو أن الاستقرار حالياً موجود، لكن ما مرّت به المدينة والخوف الدائم من أي تجدد للاشتباكات كان في شكل أساسي من جراء الوضع السوري. ثم هناك النازحون، والتداعيات الأمنية التي قد يحملها هذا الوضع.
وإذا ما وجد الابراهيمي الحل لسوريا فإن من شأن ذلك تخفيف الضغط عن لبنان. فالوضع اللبناني لا يُفترض أن ينفلت أمنياً، ولكن لا يمكن إنكار وجود ضغط أمني، وشحن سياسي وخصام بين الأفرقاء. الوضع اللبناني غير مريح، والدول تضغط في اتجاه أن يحافظ القادة اللبنانيون على الاستقرار.
والمهم اتضاح صورة الموقف لمرحلة ما بعد الأسد، في لبنان، ومصير الأفرقاء الحلفاء له وللإقليميين.

السابق
سارقو الأسلاك الكهربائية إستغلوا العاصفة في الجنوب
التالي
وهبي: الارثوذكسي مخالف للدستور ويهدد الدور المسيحي في الشرق