الطرح الأرثوذكسي لتغيير الطائف

لم يكن التكاتف الشيعي – المسيحي حول القانون الارثوذكسي مجرد رسالة الى الداخل اللبناني بقدر ما كانت رسالة ذا بُعد اقليمي موجهة بالدرجة الاولى الى السعودية راعية اتفاق الطائف ومن بعدها كل الدول العربية والغربية التي تتغنى بما تسميه انجازات الربيع العربي لا سيما نمو الحركات السنية المتشددة على حساب اقصاء المسيحيين وتهجيرهم من المنطقة.
طرح هذا القانون برعاية بكركي وتحت غطاء الفاتيكان ضمناً اعاد الى الواجهة دعوة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله الى مؤتمر تأسيسي وطني جامع ومطالبة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي بميثاق وطني جديد، وفي حين ان تلك الطروحات لم تلق الاذان الصاغية ومرت كغيمة صيف، جاء الارثوذكسي مصحوباً بالمتغيرات التي طرأت في سوريا والمحيط العربي ليضع اكثر من علامة استفهام حول مستقبل الشراكة الوطنية بين المسلمين – المسيحيين، وفي هذا السياق تفيد المعلومات التي حصلت عليها لـ «الـلواء» من كواليس قيادات مهمة في البلد على علاقة بأهم عواصم القرار في العالم بأن هناك توجها عالمياً لاعادة ترميم اتفاق الطائف بالحد الادنى اذا لم نقل ايجاد طائف جديد يتلاءم مع اعطاء المسيحيين حقوقهم التي اخذت منهم حينها والتي خسروها ايضا في بلاد الربيع العربي.
هذه المعلومات التي يجري تداولها في اوساط مرموقة تشير الى ان اتفاق الطائف ومستقبل التوزيع السياسي في لبنان لن يكون بمنأى عن التسويات المرتقبة في المنطقة، والهمس الحالي حول هذا الاتفاق وحقوق المسيحيين واعادة الهيكلة السياسية في البلد ليس كلاما عابرا للاستثمار الانتخابي الداخلي انما توجه جدي مدعوم من عواصم اقليمية وغربية فاعلة واصداؤه وصلت وتبلغ بها من يعنيهم الامر لبنانياً عربياً، وعلى هذه الوتيرة، فان المطلوب من الافرقاء اللبنانيين وكخطوة اولى اقرار قانون انتخابي جديد مهما كانت تسميته يدخل المسيحي كشريك فاعل في اللعبة السياسية الداخلية وليس كمجرد فريق موجود في لبنان.
ومما يبدو فان فريق 8 آذار ليس بوارد التراجع عن مطالبته باعادة المسيحيين الى قلب المعادلة السياسية اللبنانية بمعزل عن مصير ومستقبل اتفاق الطائف انطلاقاً من حرصه على تكريس التعايش الوطني، وفي هذا الصدد يؤكد قيادي بارز جداً في هذه القوى في حديث لـ «الـلواء» بان المنطق والهاجس الحاكم عند فريقه السياسي في مقاربة اي قانون انتخابي جديد سواء الارثوذكسي او غيره ينطلق من ايجاد قانون يؤمن التمثيل الصحيح للمسيحيين ويضمن لهم دورهم كشريك اساسي في صناعة القرار السياسي والوطني.
وفيما يلفت القيادي الى ان مطالبة البعض بالعودة الى قانون الستين تحت حجة حماية الطائف والحفاظ عليه تبدو دعوة في غير محلها لان هذا القانون مناقض للطائف الذي نص صراحة على اجراء الانتخابات وفقا للمحافظات او الدوائر الكبرى، يشير الى ان راية الطائف تعلو عندما لا يخدم القانون الانتخابي مصالح هذا البعض بينما يتم تجاوز هذا الطائف متى تحقق لهم القانون الذي يريدون مثلما حدث في الانتخابات الماضية.
ومن هنا يؤكد القيادي بأن الاولى بالخائفين على الطائف والعيش المشترك عدم الحديث عن قانون 60 والذهاب الى البحث في آليات انتخابية تتلاءم مع نص هذا الاتفاق وتستطيع تمثيل الشريحة الاكبر من اللبنانيين كالنسبية مثلاً ، واذا كانوا صادقين فترجمة ذلك لا تأتي عبر استعمال قوة الفائض العددي لقهر الفئات الاخرى من اللبنانيين بل بايجاد القانون المناسب وعدم اطلاق التصريحات بهذه الطريقة لان هذا امر مرفوض.
ويعتبر القيادي المقرب من حزب الله ان محاولة البعض تحميل محور المقاومة «امل – حزب الله « وتحديدا الحزب مسؤولية الموضوعات المتعلقة بالقانون الانتخابي امر مثير للعجب وفي غير محله، فهذا الفريق وتحديدا حزب المستقبل تذكر فجأة ان يعتب علينا كقوى وكأن حبل الود قائم بيننا وكأنما كنا بالامس معا ونسي بانه يرفض الجلوس الى طاولة الحوار او التكلم مع حزب الله ويتهمه بالقتل وانه حزب السلاح وكل هذه النعوت والاتهامات المتواصلة قاطعا بذلك اي طرق تواصل مع هذا الطرف الاساسي في الوطن، وبالتالي نحن نستغرب هذه المواقف لان هناك تناقضا بين ما يسربوه من عتب وبين الاداء العملي والمواقف العملية التي يقومون بها.
ونحن هنا نقول للمستقبل بالحرف الواحد ان عليهم ان ينتظروا وينتظروا نتائج ما يتم من مداولات في اللجنة النيابية المكلفة ايجاد قانون انتخابي وان يهدأوا قليلا ويفسحوا في المجال لاصحاب العقل والحكمة بالتفتيش عن مخارج للأزمة القائمة.

السابق
الاخبار: مباحثات نفطية لبنانية قبرصية
التالي
180 مليون $ اعباء النازحين السوريين.. والعرب يقررون الاحد