عاصفة الأرثوذكسي تهبّ على لجنة غانم

حطّت عاصفة المشاريع الانتخابية من جديد في ساحة النجمة، مع تراجع نواب فريق 14 آذار عن قرارهم بمقاطعة حضور جلسات لجنة التواصل من أجل قانون الانتخابات، والذي استمر لثلاثة أشهر لذرائع أمنية، انتهت مع إقامتهم في فندق «etoile» وسط انتشار أمني كثيف في محيطي المجلس والفندق.
مسار الجلسات طويل ومعقّد، على الرغم من أن هناك فرصة حقيقية للتفاهم على صيغة ما تَلقَى الأغلبية داخل اللجنة الفرعية، بعد خروج النواب العشرة، أعضاء اللجنة، وتأكيدهم أن الأجواء ايجابية والنقاشات جديّة وموضوعية، إذ أن مجرد انطلاقها بالعمل، أشاعت جواً من التفاؤل.
لقد كشفت جلسة الأمس، التي انعقدت في قاعة لجنة الادارة والعدل برئاسة النائب روبير غانم، خارطة المواقف اتجاه مختلف المشاريع، ودفعت النقاش قدماً باتجاه وضع النقاط على الحروف. فبعد نقاش مستفيض شهد اختلافات جذرية في فهم المادتين الأولى والثانية من مشروع الحكومة، المتعلقتين بتقسيم الدوائر ونظام الاقتراع، وُضع حل مبدئي سمح بتجاوز تفسير المادتين.
مشروع اللقاء الارثوذكسي تصدّر القوانين المطروحة على بساط البحت، وفوجئ نواب «14 آذار» بمواقف حزب الله وحركة أمل التي أكّدت وقوفها الى جانب حليفهما التيار الوطني الحر. ليصبح التحدي أمام «القوات» والكتائب في قدرتهما على التمسك بصيغة الارثوذكسي، اللتين أعلنتا أنها تمثّل المناصفة الفعلية في لبنان، أم أنهما سيراعيان حليفهما المستقبلي الذي يريد نسف «اقتراح الفرزلي»، لأنه يضع حداً لهيمنته على المقاعد المسيحية لحلفائه، بإبقاء ملف الانتخابات في أتون التجاذبات وتمرير الوقت.
وبينما أراد نواب «المستقبل» تسجيل نقطة على رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أعلن تأييده أي مشروع يتّفق عليه المسيحيون، بقولهم «إن المسيحيين لن يتّفقوا، وأنهم غير محصورين بالكتائب والتيار الوطني والقوات». وعُلِم أن هذه النقطة جرت معالجتها بشكل واضح ودقيق لا يحتمل الالتباس، حيث أكّد النائب علي بزي خلال الجلسة، «أننا كما سرنا في الدوحة بقانون الستين مراعاة للتمثيل المسيحيي، فإننا سنسير بالمشروع الارثوذكسي».
وعلى الرغم من ذلك، أصر النائب سيرج طورسركسيان على الحديث عن هذا الموضوع خارج اللجان وتوظيفها لصالح فريقه. الا أن ذلك لم ينفع، ففي الجلسة المسائية أعلنت ست كتل نيابية تأييدها للمشروع الارثوذكسي فيما رفضه «المستقبل» والاشتراكي، بينما لم يدل رئيس اللجنة برأيه.
وفيما أوضح النائب غانم أن هناك اتفاقاً بين الافرقاء على مبدأ سرية المداولات بعيداً عن الإعلام، دعا عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض الى مصارحة الرأي العام بالمناقشات، مطالباً برفع السرية عن المداولات التي وصفها بالمنهجية، وفيما لاقت دعوة فياض لرفع السرية ترحيباً من قبل عضو كتلة «القوات» النائب جورج عدوان، الذي أيّد ما قاله فياض، فيما لم تلق هذه الدعوة الترحيب نفسه عند نواب آخرين، متذرعين ببعض المواد الدستورية .
وخلال الاجتماع رفض نواب الأكثرية اقتراحين، الاول تقدم به عدوان ويتعلق بطلب خفض عدد النواب إلى 108، والثاني مقدّم من النائب سامي الجميل يرمي الى إضافة مقعد نيابي للطوائف السريانية ومقعد مقابل لطائفة الموحدين الدروز.
و بحسب اقتراح الجميل يصبح مجلس النواب مؤلفاً من 130 عضوا تكون مدة ولايتهم أربع سنوات، ويصبح جدول توزيع النواب على الشكل التالي:
سني27، شيعي27، درزي9، ماروني34، روم كاثوليك8، روم ارثوذكس14، إنجيلي1، أرمن كاثوليك1، أرمن ارثوذكس5، اقليات1، سريان1، علوي2، وإجمالي عدد المقاعد 130 .
وأمام ذلك، هل يريد الحزب التقدمي الاشتراكي الذي أصّر نائبه أكرم شهيب في جلسة الأمس على الرفض المطلق لكل ما يمت الى النسبية بصلة وطالب بالعودة الى الستين، و»تيار المستقبل» الذي أحرج نائبه أحمد فتفت حلفاءه في «14 آذار» برفضه «الارثوذكسي»، إقحام لبنان في خلافات جديدة قد تدفع بقانون الانتخاب إلى مهب الريح، لتتحوّل عندها العاصفة الانتخابية إلى إعصار يضرب صيغة لبنان الحقيقية والتوافقية، لغاية في نفس يعقوب، وهي أن تبقى هذه القوى هي الأكبر على الرغم من أن حجمها الشعبي التمثيلي لا يخولها أن تكون كذلك.
وإذا كانت جلستا الأمس الصباحية والمسائية، قد أظهرتا المواقف الفعلية للكتل النيابية من الاقتراح الارثوذكسي، فإن جلسة اليوم سوف تستكمل النقاش في مشاريع واقتراحات القوانين الأخرى المطروحة، ومنها مشروع الحكومة ومشروع لجنة فؤاد بطرس، واقتراح الخمسين دائرة، على أن قانون الستين يبقى بالنسبة الى بعض أعضاء اللجنة، لا سيما الاشتراكي و»المستقبل» بمثابة خشبة الخلاص التي يتمسّكان بها.

السابق
التسونامي البرتقالي: مكانك راوح
التالي
سامر المصري بالجيش الحر