صيدا بين سعد وحزب الله: فتش عن الأسير

الجرحى تم اخفاؤهم ولم يتم اجراء اي تحقيق معهم اما القتيل الفلسطيني فلا من يسأل
تصادم اولويات حزب الله الامنية واولويات سعد المدينية وعدم استجابته لردع الاسير
علي الامين- البلد
الثلاثاء 8 كانون الثاني 2012

لم يلحم جرح الاشتباكات التي وقعت الاسبوع الماضي في صيدا. إذا لم تأخذ التحقيقات طريقها لجهة معرفة مطلقي النار، المعروفين اصلا، التي ادت الى مقتل محمد ضرار الفلسطيني الجنسية واحد عناصر سرايا المقاومة في المدينة. ربما جنسيته الفلسطينية تسمح بلجم المطالبين بمعرفة القتلى، او اعتقال المجموعة التي وقع في ما بينها اطلاق النار في نزلة صيدون مساء الخميس. عدم اعتقال اي متهم بالتورط في الحادثة، وغياب التحقيقات الجدية في اسباب الحادثة، وعدم القبض على مرتكبيها تفتح الباب واسعا أمام تساؤلات حول وجود مخطط امني يتيح لحملة السلاح وشبيحة الشوارع في المدينة بالشعور بوجود حصانة لديهم تمنع اعتقالهم. حصانة تدفع نحو توقع دخول المدينة في مرحلة صراع ميداني ميليشيوي تتعدد اطرافه، وتتنوع حساباته، لتتداخل فيه اعتبارات صيداوية ضمن العلاقة مع حزب الله، الى تضارب في الحسابات بين حلفاء الحزب حول موقعه ودوره في المدينة.
حتى جرحى الحادثة تم اخفاؤهم من قبل جهة حزبية ولم يتم اجراء اي تحقيق معهم. فيما النائب السابق اسامة سعد، الذي أُتهم بعض انصاره بالتورط في المواجهة، أعلن تحمله المسؤولية، مؤكدا خياراته السياسية في التحالف تدفع نحو مثل هذه المواجهات داخل الاحياء، ومن ضمنها انتشار السلاح. سعد حمّل الخطاب المذهبي والتحريضي لدى الفريق الاخر مسؤولية مثل هذه الاحداث، والتي كان سبقها قبل نحو شهرين سقوط قتيلين كانا برفقة الشيخ احمد الاسير في منطقة التعمير المحاذية لمخيم عين الحلوة، ايضا من دون ان تتضح بعد نتائج التحقيقات.
الثابت لدى منضوين في التنظيم الشعبي الناصري ان حزب الله كثف من وتيرة استقطابه للعناصر السنية والشيعية والفلسطينية داخل المدينة اخيرا، ووصل الامر الى انشاء مجموعات على حساب حضور ونفوذ التنظيم. بل بدأ حلفاؤه في التنظيم الناصري يلمسون في هذا السلوك اضعافا لهم وتجاوزا لدورهم المحوري في المدينة أجواء التوتر متنامية بين التنظيم الناصري وحزب الله، ولانها لا تستند الى الخيارات السياسية الواحدة على الصعيد الوطني، فهي انفجرت بين المناصرين في الشارع، اولئك الذين استقطبتهم مجموعات سرايا المقاومة في المدينة وانصار التنظيم الذين وجدوا ان هذه السرايا تقتات من جسم تنظيمهم الناصري او الدائرين في فلكه. ما زاد من توترهم ايضا انه يتم تنصيب بعض الوجوه الصيداوية كمرجعية وسيطة وشكلية لهذه المجموعات (سهيل حبلي والشيخ ماهر حمود وغيرهما) ودائما على حساب حضور ونفوذ اسامة سعد والدكتور عبد الرحمن البزري لا خصومهما في تيار المستقبل او الشيخ احمد الاسير.

فاقم من احتقان انصار التنظيم الناصري، تحملهم الكلفة الصيداوية المتنامية لتحالفهم مع حزب الله، والتي كان من مظاهرها اخيرا انشقاق العديد من عناصره ومناصريه، وانضمامهم الى حركة الشيخ الاسير، الذي اعلن هو نفسه عن استقباله كوادر من التنظيم الناصري شكوا اليه استياءهم من دور حزب الله. يضاف تلمس سعد تراجع خصوصية موقعه الصيداوي في قواعد التحالف مع حزب الله لحساب التبعية التي ساهمت في اضعاف موقعه ايضا، الى جانب ظاهرة الاستقطاب المذهبي وخطابه الذي فرض حضورا غير مسبوق في المدينة كانت ظاهرة الشيخ الاسير احد ابرز تعديلاتها. وهي الظاهرة التي يعتقد كثيرون انها كانت السبب الرئيس في التوتر غير المعلن بين الناصريين وحزب الله. وبحسب مصادر محايدة في المدينة، فإن سعد لم يرضخ لمطالب من حزب الله تمنت عليه اتخاذ اجراءات ميدانية في مواجهة اعتصام الشيخ الاسير الذي اقيم قبل اشهر عند مدخل صيدا، رغم توفير الحزب لسعد امكانيات لوجستية كان يمكن ان تتيح له في ميزان القوة انهاء الاعتصام المذكوربالقوة.

تمنع سعد عمليا عن القيام بمثل هذه الخطوة، ودائما بحسب المصادر نفسها، جعل حزب الله في حلّ من التزامات سابقة مع التنظيم الناصري. فرض حزب الله نظام اولوياته في المدينة، وغالبا ما تكون خلفيتها امنية في مثل هذه المحطات التي فرضها تنامي ظاهرة الاسير، وتشابك العلاقة بين مدينة صيدا والمخيمات الفلسطينية، وهي تنسف الى حدّ كبير قواعد يفرضها التعامل السياسي مع المدينة. فحزب الله لا يبدو واثقا من قدرة حلفائه التقليديين(سعد- البزري) في المدينة على تحقيق ما يصبو اليه، فلجأ إلى إدارة نفوذه في المدينة بشكل مباشر، وعبر وجوه دينية وميدانية اكثر طواعية.
هذه التطورات السياسية والميدانية لم تفجر العلاقة بين حزب الله واسامة سعد، لكنها بدأت تثقل كاهل التنظيم الناصري الذي يحاو عبثاً المواءمة بين تحالفه مع ما يسميه خيار المقاومة وبين استقلالية نسبية باتت وجودية لديه مع اتخاذ المواجهة على الارض ابعادًا تشكل العصبية المذهبية ابرز ادواتها. هذا ما يلمسه كثيرون في المدينة ومن هذا العصب المذهبي يفسرون استقطاب الشيخ الاسير الذي بات ظاهرة جدّية مهددة لسياسيي صيدا اكثر من كونها مقلقة لحزب الله.

السابق
صناعة الصوبيات والمدافئ في راشيا صمدت.. وسط صراع بين جيلَين!
التالي
لبنان في قلب العاصفة..ودرجة الحرارة إلى ما دون الصفر على السواحل