الشعب يريد نزوح الرئيس

لا شيء يدل على أن النظام السوري باق. ومن العلامات على قرب زواله سلوكه في سوريا ولبنان معاً. والبداية من سوريا: ففي رواية من خارج النظام أن المبعوث الدولي والعربي الاخضر الابرهيمي خرج بعد محنة المحادثات التي أجراها أخيراً مع الرئيس بشار الأسد بانطباع أن الأخير شديد الاضطراب. أما في الرواية من داخل النظام فإن الأسد تعمّد أن يبقي الابرهيمي منتظراً خارج مكتبه نصف ساعة بعد الموعد المحدد للقاء. ثم أبلغه أن مدة اللقاء ثلاثة أرباع الساعة. فما أن انتهت المدة حتى وقف الأسد ليعلن أن اللقاء انتهى على رغم أن الابرهيمي كان يدلي بمعطياته التي جاء بها من العالم ولا سيما من الغرب وروسيا. وإذا تمعن المرء في الروايتين لتبيّن أن اضطراب الأسد يبدو واقعياً ولا شفاء منه إلاّ باخراجه من الحكم.

في لبنان، يعيد الجنرال ميشال عون التذكير بحالته القديمة التي هي جديدة للأسد. والابرهيمي نفسه يعرف الكثير عن عون عندما كان في قصر بعبدا عام 1989 ابان المفاوضات العربية والدولية لانجاز اتفاق الطائف. والملجأ الذي خرج اليه عون في ذلك الزمن كان الفرار أولاً الى السفارة الفرنسية ثم اللجوء الى فرنسا تحت ضغط طائرات حافظ الأسد الذي ضمن لاحقاً لابنه بشار ولاء عون المطلق!
ثمة من يرى في سلوك بشار الأسد ما يشبه حال الرئيس سليمان فرنجيه عندما كانت المفاوضات دائرة عام 1976 لحل الأزمة اللبنانية من خلال تقصير ولاية رئيس الجمهورية. وقتذاك قرر فرنجيه البقاء في قصر بعبدا رافضاً مغادرته فاقتضى اخراجه قيام الضابط حسين عواد الخبير في المدفعية بتصويب دقيق ببضعة قذائف على غرف الرئيس الذي انتهى به المطاف الى مصيفه في اهدن. فهل تكون هذه البلدة اللبنانية الرائعة مكان نزوح الأسد؟

مئات الألوف من السوريين الذين يفرون حالياً من جحيم العنف في بلادهم لا حل لعودتهم الى ديارهم مجدداً، إلاّ بنزوح نظام الأسد. المنطق والتاريخ يقولان ذلك، وإذا كانت كلفة اغاثة النازحين أصبحت عالية جداً وراح العنصريون الجدد في لبنان يتغنون في التهويل بها فإن خفضها حتى ازالتها تماماً تكون بعودة النازحين. ولنا شاهد في قرار مجلس الأمن 1701 الذي أعاد مئات الألوف من الجنوبيين الى ديارهم بعدما دفعوا تكاليف "النصر الإلهي" لـ"حزب الله" في تنفيذ التكليف الايراني ضد اسرائيل. وعلى رغم ان النزوح كان داخل لبنان فإن من نتائج القرار الدولي ان عاد الجنوبيون الى ديارهم ولم يعد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الى الجنوب أبداً حتى الآن، كما فعل بعد التحرير عام 2000 عندما أطل في المهرجان الشهير في بنت جبيل.

ألا يستحق السوريون قراراً مماثلاً يعيدهم الى ديارهم إذا كانوا غادروها أو يثبتهم فيها إذا كانوا يصارعون حتى الآن من أجل البقاء؟ أسوة بفرنجيه وعون ونصرالله. يجب أن ينزح الأسد الى خارج قصر الرئاسة السورية كي تحل مأساة النازحين السوريين الذين يجتهد المجتهدون لحلها اليوم.

السابق
احتجاج دولي واقليمي لمبادرة الاسد الانقاذية.. ودعوات الى تنحيه
التالي
اشكال بين أهالي عيتا الشعب ودورية ايطالية