اللواء: لقاء وسطي في بعبدا يبحث عن صيغة لا تغضب جنبلاط وترضي 14 آذار

اذا كانت مسألة تأجيل جلسة الحوار تحتاج فقط الى قرار من الرئيس ميشال سليمان، بعد اجراء المشاورات الضرورية لذلك، وقد يكون اللقاء الذي جمعه الى حليفيه الوسطيين: الرئيس نجيب ميقاتي والنائب وليد جنبلاط واحداً من هذه المشاورات، فإن المسألة الضاغطة على الوضع اللبناني بأكمله، والتي باتت تعرف بمسألة استيعاب وايواء واغاثة النازحين السوريين، قد لا تحتاج فقط الى خطة ولدت يتيمة، او اجتماعاً لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، وهو ما يزال في طور التمني، او حتى الى مواكبة يومية من السفيرة الاميركية مورا كونيللي، او السفير السوري علي عبد الكريم علي، حيث يتبارى كلاهما على تسجيل المواقف والايحاء بأنه يتحكم بقواعد اللعبة الداخلية، لا سيما في الشق المتعلق منها بقضية اللاجئين.

ومن المرجح ان تكون الازمة السورية وارتباط الاستحقاقات الداخلية اللبنانية بها، قد طغت على اللقاء المسائي الذي أعقبه عشاء بين سليمان وضيفيه ميقاتي وجنبلاط، الذي يبحث – وفقاً لمصدر حزبي في 8 آذار – عن شبكة امان، ومروحة تحالفات تحرره نسبياً من الضغط الاستقطابي لفريقي 8 و14 آذار.

واضاف المصدر ان جنبلاط الذي زار بكركي، امس، معلناً عن انهاء التعديات على املاك المسيحيين في الشوف، انطلاقاً من بلدة بريح، ومعلناً ايضاً طي صفحة حرب الجبل الدامية وفتح صفحة جديدة. وزف بشرى الاحتفال بالمصالحة برعاية الرئيس سليمان وحضور الرئيس ميقاتي والبطريرك بشارة الراعي، اراد ان يفتح مشروع المصالحة، باطلاع الرئيسين عليه والتفاهم على موعد قريب كما اعلن في بكركي.

لقاء بعبدا
وبالتزامن، قالت مصادر مقربة من بعبدا ان الظروف التي احاطت بالحوار والمواقف منه، لا سيما مطالب 14 آذار حضرت بقوة على الطاولة، فضلاً عمّا يمكن ان يطرحه ممثل الحزب التقدمي الاشتراكي في اللجنة النيابية الفرعية، في اجتماع الثلاثاء والذي يحرص جنبلاط على التشاور فيه مع حليفيه، وبالتنسيق مع الرئيس نبيه بري، وفقاً لمصدر نيابي اشتراكي، حيث من الثابت ان المداولة تطرقت الى مشروع الحكومة المرفوض من 14 آذار والمتحفظ عليه من الحزب الاشتراكي، بالاضافة الى موقف الرئيسين سليمان وميقاتي اللذين يلتقيان على اعتبار قانون الستين لم يعد يصلح لانتخاب مجلس جديد ينسجم مع التحولات الجارية في المنطقة ويصحح الخلل في التمثيل المسيحي.
بدورها توقعت مصادر مقربة من "حزب الله" ان يكون رئيس الحكومة عرض في الاجتماع مشروعاً معدلاً يوازن بين صيغتي النسبي والاكثري، بحيث لا تغضب جنبلاط وترضي 14 آذار، ويمكن تسويقها لدى 8 آذار.

اما البيان الرسمي الذي صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية، فقد حصر المداولات بين الاقطاب الوسطيين الثلاثة، "بالاستحقاقات والمواضيع المطروحة، ولا سيما منها تلك المتعلقة بالحوار وقانون الانتخاب، وكذلك استكمال المصالحات في الجبل وبشكل خاص في بريح".
وقال ان الرئيس سليمان استبقى ضيفيه الى مائدة العشاء.

ولم يشأ، ليلاً، مصدر مطلع على موقف رئيس جبهة النضال أن يكشف الموقف الأخير لرئيس الجبهة، بانتظار جلاء المزيد من المشاورات التي تجريها قيادة الحزب الاشتراكي مع الأطراف اللبنانية، ولو تحت عنوان المبادرة الحوارية التي كان لها محطة أمس في لقاء مع الحزب السوري القومي الاجتماعي، والاثنين مع رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية.

لكن النائب مروان حمادة أكد لـ "اللواء" بالنسبة لاجتماع اللجنة الفرعية، بأن "قوى 14 آذار ذاهبة بنوايا طيبة رغبة في إقرار قانون متوازن لا يكرّس هيمنة حزب الله على ما تبقى من البلد، ومن المؤكد أن القانون المتوازن ليس هو قانون النسبية ولا القانون الأرثوذكسي المطروح من قبل النائب ميشال عون لتفتيت البلد".

وأوضح أنه لم يتم الاتفاق بعد على آلية الاجتماعات، بانتظار الجلسة الأولى التي سيصار فيها إلى وضع تلك الآلية، ومبدئياً سيكون هناك أكثر من جلسة في اليوم الواحد.

إلى ذلك توقع مصدر مطلع أن يصدر عن رئاسة الجمهورية اليوم بيان بتأجيل جلسة الحوار المقررة يوم الاثنين المقبل، من دون تحديد موعد جديد لجلسة مقبلة. وعزا مصدر ترجيح هذا التوقع بأنه بات أمراً معيباً أن يحدد رئيس الجمهورية موعداً لحوار مرتين من دون أن يلتزم به أحد، لافتاً إلى أن هذا العيب في هذا الشأن ليس للرئيس سليمان بقدر ما هو معيب بأهل الحوار، والمقصود هنا طبعاً قوى 14 آذار، التي لامها نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم لمقاطعتها جلسات الحوار، قائلاً: "أنتم الخاسرون أولاً وأخيراً بمقاطعتكم".

ملف النازحين
في غضون ذلك، بقي ملف النازحين السوريين في صدارة الاهتمامات رغم أنه فجّر لغم الخلافات بين مكونات الحكومة التي ظهر انقسامها واضحاً حيال مقاربة هذا الملف وكيفية معالجته، لا سيما وأن أخطار النزوح تتنامى سياسياً واقتصادياً وأمنياً وديموغرافياً.

ومع أن مجلس الوزراء توافق على البدء بحملة اتصالات واسعة لمساعدة لبنان على تحمل أعباء النازحين، فإن اجراءات الحد الأدنى بقيت دون المستوى، في ضوء تضارب المصالح واختلاط العام بالخاص، وخصوصاً الشأن الانتخابي، وهي بدأت باستدعاء وزير الخارجية عدنان منصور للسفير السوري وبحث معه ما يمكن القيام به من عمل مشترك لتخفيف عدد النازحين وتسهيل عودتهم إلى المناطق الآمنة في سوريا، وإمكان إنشاء لجنة مشتركة لبحث الموضوع تضم الأجهزة المعنية في البلدين. ثم أبلغ الوزير منصور، لاحقاً، الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي برغبة لبنان في عقد اجتماع وزاري عربي لبحث موضوع النازحين السوريين على أرضه، ورد عليه العربي بأنه سيقوم فور تلقيه المذكرة اللبنانية في هذا الشأن بالاتصالات اللازمة مع الوزراء العرب لعقد هذا الاجتماع خلال أيام قليلة.

تجدر الاشارة إلى أن لبنان كان طلب في الثالث من كانون الأول من الدول المانحة تمويل خطة أعدتها الحكومة لتلبية احتياجات النازحين السوريين إلى لبنان في العام 2013 وتبلغ كلفتها نحو 363 مليون دولار، تتوزع بين 179 مليون دولار تتولى الانفاق منه الوزارات اللبنانية لتأمين حاجات اللاجئين السوريين على صعيد الصحة والغذاء والتربية، و184 مليون دولار تتولاه وكالات الأمم المتحدة.
ويشمل هذا القسم الثاني حاجات اللاجئين الفلسطينيين النازحين من سوريا إلى لبنان. وتلقت الحكومة بعض المساهمات، إلا أنها غير كافية لتنفيذ الخطة، بحسب مصادر وزارية.

كونيللي وعلي
اما الجولة التي قامت بها السفيرة كونيللي، وشملت الرئيسين أمين الجميل وفؤاد السنيورة والوزير جبران باسيل الذي سيعقد اليوم مؤتمراً صحفياً يكشف فيه، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه "حقيقة ما يجري في ملف النازحين"، موضحاً أن سبب اعتراضه على الخطة انها "تستقطب المزيد من اللاجئين".
ولم يخل لقاء كونيللي بالوزير باسيل من "عتب دبلوماسي" بلغ حدّ مطالبته بالتراجع عن مواقفه الأخيرة، على رغم "ثناء واشنطن على خطوات الحكومة وقراراتها في شأن النازحين السوريين".

وأوضحت السفيرة الأميركية، بحسب بيان للسفارة، انها طلبت من الحكومة اللبنانية مواصلة الوفاء بالتزاماتها الإنسانية الدولية تجاه اللاجئين، بما في ذلك المحافظة على حدود مفتوحة وحماية اللاجئين من المضايقات.

في المقابل، أشار السفير السوري إلى انه "التزم بالمعايير الدبلوماسية حين ارسل المذكرة إلى وزارة الخارجية التي ارسلت بدورها المذكرة إلى وزارة الشؤون الاجتماعية التي هي الوزارة المعنية"، وقال: "من حق وزارة الخارجية ان تظهر مضمون المذكرة".

ورجا السفير علي في مقابلة مع "المنار" أن يقترب الحل في سوريا بالنظر إلى انه مضى سنة وعشرة أشهر على "الحرب الاجرامية المفتوحة التي استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة".

وبالنسبة لملف النازحين قال: "الموالي والمعارض، السوري وكل السوري كرامته غالية، ونحن نحرص على هؤلاء الذين اغاثوا اشقاءهم في لبنان والأردن وفي العراق وبمئات الألوف وفتحوا بيوتهم، السوريون لم يبتزوا اشقاءهم ولم يزيدوا في الأسعار". اضاف: "ما يطالب به السوريون ما تطالب به الدولة السورية هو احترام هذه العلاقات وهذه الاتفاقات وهذه المواثيق وهذه الاعراف".

ولفت إلى أن "المذكرة التي وجهتها إلى وزارة الخارجية راعيت فيها الأعراف وما طلبته أن تكون اغاثية إنسانية محضة لا يقحم فيها لا التسييس ولا أيضاً يسمح بأن تكون مادة لمآرب أخرى يسعى إليها البعض".
  

السابق
الشرق: لبنان يطلب عقد اجتماع وزاري عربي لبحث ملف النازحين
التالي
الأنوار: تحرك لبناني لمساعدة النازحين واتصالات لتهدئة التوتر في صيدا